الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٧٦
رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله.
قال أبو محمد: وحدثنا أيضا عبد الله بن ربيع، ثنا عمر بن عبد الملك الخولاني، ثنا محمد بن بكر، ثنا داود، ثنا مسدد، ثنا يحيى - هو القطان - عن شعبة بن أبي عون، عن الحارث بن عمر، عن ناس من أصحاب معاذ، عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فذكر معناه.
قال أبو محمد: هذا حديث ساقط، لم يروه أحد من غير هذا الطريق، وأول سقوطه أنه عن قوم مجهولين لم يسموا، فلا حجة فيمن لا يعرف من هو، وفيه الحارث بن عمر وهو مجهول لا يعرف من هو، ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه.
أخبرني أحمد بن عمر العذري، ثنا أبو ذر الهروي، ثنا زهر بن أحمد الفقيه زنجويه بن النيسابوري، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، هو جامع الصحيح، قال فذكر سند هذا الحديث، وقال رفعه في اجتهاد الرأي، قال البخاري: ولا يعرف الحارث إلا بهذا، ولا يصح. هذا كلام البخاري رحمه الله.
وأيضا فإن هذا الحديث ظاهر الكذب والوضع، لان من المحال البين أن يكون الله تعالى يقول: * (اليوم أكملت لكم دينكم) *، و * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) *، و * (تبيانا لكل شئ) * ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ينزل في الديانة ما لا يوجد في القرآن. ومن المحال البين أن يقول الله تعالى مخاطبا لرسوله صلى الله عليه وسلم: * (لتبين للناس ما نزل إليهم) * ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يقع في الدين ما لم يبينه عليه السلام، ثم من المحال الممتنع أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاتخذ الناس رؤوسا جهالا، فأفتوا بالرأي فضلوا وأضلوا جاء هذا بالسند الصحيح الذي لا اعتراض فيه، وقد ذكرنا في باب الكلام في الرأي. ثم يطلق الحكم في الدين بالرأي فهذا كله كذب ظاهر لا شك فيه. وقد كان في التابعين الراوين عن الصحابة رضي الله عنهم خبث كثير وكذب ظاهر، كالحارث
(٩٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 971 972 973 974 975 976 977 978 979 980 981 ... » »»
الفهرست