الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٧٣
الرمل كأنها الظباء فيدخل فيها البعير الأجرب فتجرب كلها، فقال صلى الله عليه وسلم ومن أعدى الأول؟.
قال أبو محمد: وهذا كما قبله وأطم، وما فهم قط أحد أن هذا القياس وجها، بل فيه إبطال القياس حقا، لأنهم أرادوا أن يجعلوا الإبل إنما جربت من قبل الأجرب الذي انتقل حكمه إليها، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الظن الفاسد، وأخبر أن كل ذلك وارد من قبل الله عز وجل، وأنه فعل ذلك بالإبل والنعم ولافرق.
وذكروا ما حدثناه أحمد بن قاسم، ثنا أبي قاسم بن محمد بن قاسم، ثنا جدي قاسم بن أصبغ، ثنا إسماعيل - هو ابن إسحاق، ثنا علي - هو ابن المديني - ثنا عبد الاعلى بن عبد الاعلى، ثنا هشام - هو ابن حسان - عن الحسن، عن عمران ابن الحسن قال: أسرينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فلما كان من آخر السحر عرسنا، فما استيقظنا حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل الرجل يثب دهشا فزعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. اركبوا. فركب وركبنا، فسار حتى ارتفعت الشمس، ثم نزل فأمر بلال فأذن، قضى حاجاتهم، وتوضؤوا فصلينا ركعتين قبل الغداة، ثم أقام فصلى بنا فقلنا: يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد؟
فقال: لا ينهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم قالوا: فقاس صلى الله عليه وسلم حكم قضاء صلاتين مكان صلاة على الربا.
قال أبو محمد: وهذا باطل من وجوه أحدها: أنه قد تكلم في سماع الحسن من عمران بن الحصين، فقيل: سمع منه، وقيل لم يسمع منه، وأيضا فإنه قد صح من طريق جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال جابر: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني فهذا أشبه بالربا من صلاتين مكان صلاة، إلا أن هذا حلال والربا حرام، وأيضا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن جامع عامدا في يوم رمضان أن يصوم مكانه ستين يوما أو ثمانية وخمسين يوما أو تسعة وخمسين يوما، فلو كان القياس كما ذكروا لكان هذا عين الربا على أصلهم، وأيضا
(٩٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 968 969 970 971 972 973 974 975 976 977 978 ... » »»
الفهرست