الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٦٨
أبي العاص، ليس في شئ منه هذه اللفظة البتة إلا من هذه الطريق الساقطة.
ولو صحت ما كانت لهم فيه حجة أصلا، لأنه ليس هنا شئ مسكوت قيس بمنصوص عليه، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم الامام أن يخفف الصلاة على قدر احتمال أضعف من خلفه، وليس يخرج من هذا تحريم البلوط بالبلوط متفاضلا، والنص قد جاء بإيجاب أن يخفف الامام الصلاة رفقا بالناس كلهم.
فكيف وإنما جاء هذا الخبر بلفظين: اقتد بأضعفهم واقدر الناس بأضعفهم كما حدثنا عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، ثنا أحمد بن سليمان، ثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، ثنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف ابن الشخير، عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا.
حدثنا عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، نا قتيبة، نا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم السقيم والضعيف والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء. وهكذا رواه أيضا أبو سلمة عن أبي هريرة.
واحتجوا أيضا بما حدثناه عبد الله بن ربيع، نا عمر بن عبد الملك، ثنا محمد بن بكر، نا أبو داود، نا قتيبة، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
قال أبو محمد: وقد قلنا مرارا إننا لا ننكر نقل لفظ إلى معنى آخر، إذا صح ذلك بنص آخر أو إجماع، ولكن إذا كان عندهم هذا قياسا فإنه يلزمهم أنه متى سمعوا ذكر جحر في أي شئ ذكر، أن يقيسوا عليه كل ما في العالم، كما جاء النهي عن البول في الجحر فلم يقيسوا عليه غيره. فإذا لم يفعلوا فلا شك أنه إنما انتقل إلى ههنا لفظ الجحر إلى كل ما عداه بالاجماع، وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم للخثعمية وللمستفتية التي ماتت وعليها صوم. وهو
(٩٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 963 964 965 966 967 968 969 970 971 972 973 ... » »»
الفهرست