الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٦٧
في الدين بغير نص من الله تعالى. واحتجوا من الحديث بما كتب به إلي يوسف ابن عبد الله النمري، حدثنا سعيد ابن نصر، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن وضاح، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة بن سوار المدائني، عن الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري، عن جابر بن عبد الله، عن عمر بن الخطاب قال: هششت إلى المرأة فقبلتها وأنا صائم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أتيت أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أرأيت لو مضمضت بماء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس. قال: ففيم؟.
قال أبو محمد: لو لم يكن في إبطال القياس إلا هذا الحديث لكفى، لان عمر ظن أن القبلة تفطر الصائم قياسا على الجماع، فأخبره صلى الله عليه وسلم أن الأشياء المماثلة والمتقاربة لا تستوي أحكامها، وأن المضمضة لا تفطر، ولو تجاوز الماء الحلق عمدا لأفطر، وأن الجماع يفطر، والقبلة لا تفطر، وهذا هو إبطال القياس حقا. ولا شبه بين القبلة والمضمضة فيمكنهم أن يقولوا: إنه صلى الله عليه وسلم قاس القبلة على المضمضة، لأنهم لا يرون القياس إلا بين شيئين مشتبهين، وبضرورة العقل والحس نعلم أن القبلة من الجماع أقرب شيئا، لأنهما من باب اللذة، فهما أقرب شبها من القبلة إلى المضمضة. ثم إن الحديث عائد للمالكيين، لأنهم يستحبون المضمضة للصائم في الوضوء، ويكرهون له القبلة، فقد فرقوا بإقرارهم بين ما زعموا أنه عليه السلام سوى بينهما، وفي هذا ما فيه، فبطل شغبهم بهذا الحديث، وعاد عليهم حجة، والحمد لله رب العالمين.
واحتجوا بما حدثناه أحمد بن محمد الطلمنكي، ثنا ابن مفرج، ثنا محمد بن أيوب الصموت، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، ثنا إبراهيم بن نصر، ثنا الفضل ابن دكين، ثنا طلحة بن عمر، عن عطاء، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كنت إماما فقس الناس بأضعفهم.
قال أبو محمد: طلحة بن عمرو ركن من أركان الكذب متروك الحديث، قاله أحمد ويحيى وغيرهما، وهذا حديث مشهور من طريق أبي هريرة وعثمان بن
(٩٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 962 963 964 965 966 967 968 969 970 971 972 ... » »»
الفهرست