الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٢٩
الباب الثامن والثلاثون في إبطال القياس في أحكام الدين قال أبو محمد: علي بن أحمد رضوان الله عليه: ذهب طوائف من المتأخرين من أهل الفتيا إلى القول بالقياس في الدين، وذكروا أن مسائل ونوازل ترد لا ذكر لها في نص كلام الله تعالى، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجمع الناس عليها قالوا: فننظر إلى ما يشبهها مما ذكر في القرآن، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحكم فيما لا نص فيه ولا إجماع، بمثل الحكم الوارد في نظيره في النص والاجماع، فالقياس عندهم هو أن يحكم لما لا نص فيه ولا إجماع، بمثل الحكم فيما فيه نص أو إجماع، لاتفاقهما في العلة التي هي علامة الحكم، هذا قول جميع حذاق أصحاب القياس وهم جميع أصحاب الشافعي وطوائف من الحنفيين والمالكيين، وقالت طوائف من الحنفيين والمالكيين: لاتفاقهما في نوع من الشبه فقط.
وقال بعض من لا يدري، ما القياس ولا الفقه من المتأخرين، وهو محمد بن الطيب الباقلاني: القياس هو حمل أحد المعلومين على الآخر في إيجاب بعض الأحكام لهما أو إسقاطه عنهما من جمع بينهما بأمر أو بوجه جمع بينهما فيه.
قال علي: وهذا كلام لا يعقل، وهو أشبه بكلام المرورين منه بكلام غيرهم، وكله خبط وتخليط، ثم لو تحصل منه شئ، وهو لا يتحصل، لكان دعوى كاذبة بلا برهان، وأطرف شئ قوله: أحد المعلومين فليت شعري، ما هذان المعلومان ومن علمهما؟ ثم ذكر إيجاب بعض الأحكام أو إسقاطه وهما ضدان، ثم قال:
من جمع بينهما بأمر أو بوجه جمع بينهما فيه وهذه لكنه وعي وتخليط ونسأل الله السلامة، وإنما أوردناه ليقف على تخليطه كل من له أدنى فهم، ثم نعود إلى ما يتحصل منه معنى يفهم، وإن كان باطلا من أقوال سائر أهل القياس وقال أبو حنيفة: الخبر المرسل والضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده قال: والرواية عن الصاحب الذي لا يعرف له مخالف منهم، أولى القياس: قال: ولا يجوز الحكم بالقياس في الكفارات، ولا في الحدود، ولا في المقدرات. وقال الشافعي: لا يجوز القياس مع نص قرآن، أو خبر
(٩٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 924 925 926 927 928 929 930 931 932 933 934 ... » »»
الفهرست