الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٤٠
قد قستم، أو بعضكم، المسكوت عنه من دين الرقبة في الظهار على المنصوص عليه من أن تكون مؤمنة في قتل الخطأ، فما الذي جعل قياس الرقبة في الظهار على التعويض في القتل حقا وجعل قياس التعويض بالاطعام من الصيام في كفارة قتل الخطأ على التعويض بالاطعام من الصيام في كفارة الظهار، باطلا؟ ولولا التخليط والموق ونعوذ بالله من الخذلان.
واحتج بعضهم بأن قال: إن ثبات العشرين منا للمائتين من الكفار منسوخ بالقياس على نسخ ثبات المائة منا للألف من الكفار.
قال أبو محمد: وهذا تخليط وكذب، وعكس الخطأ على الخطأ، وما نسخ قط ثبات المائة للألف، ولا ثبات العشرين للمائتين، وقد بينا هذه المسألة في باب الكلام في النسخ من ديواننا هذا، وبالجملة لا يحل لمسلم أن يقول في آية ولا حديث بالنسخ إلا عن نص صحيح، لان طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم واجبة، فإذا كان كلامهما منسوخا فقد سقطت طاعته عنا، وهذا خطأ، ومن ادعى سقوط طاعة الله تعالى، وسقوط طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم في مكان ما من الشريعة فقوله مطروح مردود، ما لم يأت على صحة دعواه بنص ثابت، فإن أتى به فسمعا وطاعة، وإن لم يأت به فهو كاذب مفتر، إلا أن يكون ممن لم تقم عليه الحجة، فهو مخطئ معذور باجتهاده، وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا أيضا بقول الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) * وهذا عمدة ما موهوا به في إثبات القياس مع آية الاعتبار، ومع قوله تعالى: * (كذلك يحيي الله الموتى) *.
قال أبو محمد: وهذا من أطرف ما شغبوا به من الجرأة على التمويه بكلام الله تعالى، ووضعه في غير موضعه، فهذا عظيم جدا نعوذ بالله من الخذلان، وما فهم أحد قط له عقل أن للقياس في هذه الآية مدخلا أو طريقا، أو نسبة بوجه من الوجوه، وما هذه الآية إلا نص جلي، أمر تعالى ذوي عدل من المؤمنين أن يحكما في الصيد المقتول بما يشبهه من النعم، فهذا نص لا قياس، وإنما كان يكون قياسا
(٩٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 935 936 937 938 939 940 941 942 943 944 945 ... » »»
الفهرست