الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٤٤
وإن سفلوا، وبنات البنين وبنات البنات وإن سفلن، فإنه يقع عليهن في اللغة بنص القرآن اسم البنين والبنات وإن سفلن. قال الله تعالى: * (يا بني آدم) * فجعلنا بنين له وبنو البنين بنون بالنص، والجد والجدة وإن بعدا فاسم الأب والام يقع عليهما كما قال تعالى: * (كما أخرج أبويكم من الجنة) * يعني آدم وحواء، وهكذا القول فيمن سفل من أولاد الإخوة والأخوات، ومن علا من الأعمام والأخوال، والعمات والخالات، فمن كنت من ولد أخيه فهو عمك وعمتك، وأنت ابن أخيه وأخيها، ومن كنت من ولد أخته فهو خالك وخالتك، وأنت ابن أخته وأختها، وإنما فرقنا بين أحكام بعض من يقع عليه الاسم الواحد في المواضع التي فوق النص أو الاجماع المنقول المتيقن بينهم فيها، وهذا أيضا الذي ذكروا إجماع، والاجماع لا يجوز خلافه.
ثم نقول لهم: إذا فعلتم ذلك - بزعمكم - قياسا فيلزمكم أن تسووا أيضا قياسا بين كل من ذكرنا في الانكاح والمواريث، ووجوب الانفاق، وهم لا يفعلون ذلك، فقد نقضوا أصلهم، وأقروا بترك القياس، وهكذا تكون الأقوال الفاسدة، وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا بقول الله تعالى في المطلقة ثلاثا: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا) * قالوا: فقستم وفاة هذا الزوج الثاني وفسخ نكاحه عنها على علاقة لها في كونها إذا مسها في ذلك حلالا المطلق ثلاثا، قالوا لنا: بل لم تقنعوا بذلك حتى قلتم إن كانت ذمية طلقها مسلم ثلاثا فتزوجها ذمي، فطلقها بعد أن وطئها لم تحل بذلك لمطلقها ثلاثا، ولا تحل إلا بموته عنها، أو بفسخ نكاحه منها.
قال أبو محمد: فالجواب وبالله تعالى التوفيق: أننا أبحنا لها الرجوع إليه بالوفاة وبالفسخ لوجهين: أحدهما: الاجماع المتيقن، والثاني: النص الصحيح الذي عنه تم الاجماع، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرظية المطلقة ثلاثا: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
قال علي: فهذا الحديث أعم من الآية، وزائد على ما فيها، فوجب الاخذ به، ووجب أن كل ما كان بعد ذوق العسيلة، مما يبطل به النكاح، فهي به حلال
(٩٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 939 940 941 942 943 944 945 946 947 948 949 ... » »»
الفهرست