الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٤٣
قالوا: ولم يذكر تعالى بيوت الأولاد، فوجب إباحة الاكل من بيوت الأولاد قياسا على الإباحة من بيوت الآباء.
قال أبو محمد: وهذا في غاية الفساد والكذب، ومعاذ الله أن تكون الإباحة للاكل من بيوت الأولاد قياسا على إباحة ذلك من بيوت الآباء والأقارب، وما أبحنا الاكل من بيوت الأولاد إلا بنص جلي وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن أطيب ما أكل أحدهم من كسبه وإن ولد أحدكم من كسبه فبهذا أبحنا الاكل من بيوت الأولاد، ولكن يلزمهم إذا فعلوا ذلك قياسا بزعمهم على بيوت الآباء، أن يسقطوا الحد على الابن الواطئ أمة أبيه. كما أسقطوا الحد عن الأب إذا وطئ أمة ولده ولزمهم أن يسووا في جميع الأحكام بين الأبناء والآباء وسائر القرابات، كما فعلوا ذلك قياسا على الاكل، وإلا فقد تناقضوا، وتركوا القياس واحتجوا بقول الله تعالى: * (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن) * الآية بقوله تعالى * (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن) *، قالوا: فأدخلتم من لم يذكر في الآيتين المذكورتين من الأعمام والأخوال في حكم من ذكر فيهما.
قال أبو محمد: وهذا ليس قياسا بل هو نص جلي لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة:
إنه عمك فليلج عليك وقال صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم فأباح لكل ذي محرم أن يسافر معها، وإذا سافر معها فلا بد له من رفعها ووضعها ورؤيتها فدخل ذو المحارم كلهم بهذا النص في إباحة رؤية المرأة فبطل ظنهم أن ذلك إنما هو قياس، وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا بقول الله تعالى: * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) * قالوا:
فأدخلتم بنات البنين وإن سفلن، وبنات البنات وإن سفلن، والجدات وإن علون، وعمات الآباء والأجداد وخالاتهم وعمات الأمهات والجدات وخالاتهن، وإن بعدن في التحريم، وإن لم يذكرن في آية التحريم. قالوا: وهذا قياس، وكذلك أدخلتم تحريم ما نكح الأجداد وإن علوا وبنو البنين وإن سفلوا، قياسا على تحريم ما نص عليه من نكاح نساء الآباء وحلائل الأبناء.
قال أبو محمد: وهذه دعوى فاسدة، بل هذا نص جلي، وبنو البنين وبنو البنات
(٩٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 938 939 940 941 942 943 944 945 946 947 948 ... » »»
الفهرست