الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٢٥
ذلك على عثمان رضي الله عنه. قال أبو محمد: وهذا لا يصح عن عثمان أصلا، وأول من أخذ الجزية من غير أهل الكتاب، فالقاسم بن محمد الثقفي قائد الفاسق الحجاج أخذها من عباد البد من كفرة أهل السند، وأما عثمان رضي الله عنه فلم يتجاوز إفريقية وأهلها نصارى، ولا تجاوز في الشرق خراسان وفي الشمال أذربيجان وأهلها مجوس.
ومن عجائبهم التي تغيظ كل ذي عقل ودين، والتي كان يجب عليهم أن يراقبوا الله تعالى في القول بها، أو يستحيوا من تقليد من أخطأ فيها، إطباقهم على أن قول الله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) * فليس يدخل فيه القاتل خطأ وأن القاتل خطأ بخلاف القاتل عمدا في ذلك، ثم أجمع الحنفيون والشافعيون والمالكيون على قول الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا) * إلى منتهى قوله تعالى: * (ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه) * فقالوا كلهم: إن القاتل الصيد وهو محرم خطأ تحت هذا الحكم وهم يسمعون هذا الوعيد الشديد الذي لا يستحقه مخطئ بإجماع الأمة، فيكون في عكس الحقائق والتحكم في دين الله تعالى أعظم من هذا التلاعب في حكمين وردا بلفظ العمد، ففرقوا بينهما كما ترى؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقالوا: ذكر الله تعالى: * (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم) * فقالوا:
نقيس من يظاهر بجريمته أو بشئ محرم على الام، ونلحق المسكوت عنه بالمذكور.
ثم قالوا: لا نقيس تظاهر المرأة من زوجها بتظاهره منها، ولا نلحق عنه بالمذكور ثم قالوا: نوجب الكفارة على المرأة الموطوءة نهارا في رمضان قياسا على الرجل الواطئ في رمضان، فيلحق المسكوت عنه بالمذكور، وقد قالوا كما ذكرنا: نلحق الرقبة المسكوت عنها في الظهار بالرقبة المذكور دينها في القتل، ثم قالوا: نوجب في التعويض من الصيام في كفارة القتل إطعاما، وإن كان
(٩٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 920 921 922 923 924 925 926 927 928 929 930 ... » »»
الفهرست