الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٢٤
منعت من ذلك، وكان تناقض هذه الطائفة أعظم، لأنهم أوجبوا الكفارة على قاتل الصيد خطأ: قياسا على قاتله عمدا، ومنعوا من الكفارة في قتل المؤمن عمدا، ولم يقيسوه على قتله خطأ، هذا وكلهم يسمع قول الله تعالى: * (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) * وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فوجب بهذين النصين أن لا يؤخذ أحد بخطأ من فعله، إلا ما جاء به النص من إيجاب الكفارة على المخطئ في قتل المؤمن، وما أجمعت الأمة عليه من ضمان الخطأ في إتلاف الأموال، وأن الوضوء ينتقض بالاحداث الخارجة من المخرجين بالنسيان كالعمد فقط.
ومن تناقضهم أن قالت طوائف منهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من باع نخلا وفيها تمر قد أبر فهو للبائع إلا أن يشترط المبتاع فقال بعضهم: إذا ظهر، أبر أو لم يؤبر، فهو للبائع، وهذا قول أبي حنيفة، وقد كثر تناقض أصحابه في دليل الخطاب جدا.
وقالت طوائف منهم: واجب أن تكون الرقبة في الظهار إلا مؤمنة، لان الرقبة التي ذكرت في كفارة القتل لا تكون إلا مؤمنة، فوجب أن تكون الرقبة المسكوت عن ذكر دينها في الظهار مثل الرقبة المذكور دينها في القتل.
ثم قال بعض هذه الطائفة لما ذكر صلى الله عليه وسلم القلتين في قوله: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا وجب أن يكون لها ما دون القلتين بخلا ف القلتين.
قال أبو محمد: فهلا قالوا في الرقبة كذلك، وأوجبوا أن يكون المسكوت عنها بخلاف المذكور دينها، كما جعلوا المسكوت عنه فيما دون القلتين بخلاف المذكور من القلتين؟ أو هلا جعلوا المسكوت عنه مما دون القلتين مثل القلتين، كما جعلوا المسكوت عن دينها في الظهار مثل المذكور دينها في القتل؟.
وقالت طائفة أخرى منهم: لا يقول المأموم: سمع الله لمن حمده، لان ذلك لم يذكر في بعض الأحاديث، ولا يقول الامام: آمين، لأنه لم يذكر ذلك في بعض الأحاديث، وإن كان قد ذكر في غيرها، لكن يغلب المسكوت ههنا، فلا نقول إلا ما جاء في كلا الحديثين ذكره. ثم قالت: الجزية من غير أهل الكتاب، وإن كان الله تعالى لم يأمر بأخذها إلا من أهل الكتاب، وادعوا
(٩٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 919 920 921 922 923 924 925 926 927 928 929 ... » »»
الفهرست