الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩١٩
وتعليم، وبين جوابه عما سئل، ومخبرا أيضا عما لم يسأل عنه.
فإن قال قائل: فاحملوا قوله صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان على عمومه فاجعلوا الخراج للغاصب بضمانه، قيل له وبالله تعالى التوفيق: الحديث في ذلك لا يقوم بمثله حجة، لأنه عن مخلد بن خفاف، وعن مسلم بن خالد الزنجي وكلاهما ليس قويا في الحديث، وأيضا فلو صح لمنع من حمله على الغاصب قوله عليه السلام من الطريق المرضية: ليس لعرق ظالم حق.
حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي، عن محمد بن إسحاق، عن ابن الأعرابي، عن سليمان ابن الأشعث، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، هو الثقفي، حدثنا أيوب، هو السختياني، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: فخص هذا الحديث الظالمين من جملة الضامنين، فنفى الخراج للمشتري بحق، وأيضا فقوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * مانع من أكل مال بغير حق جملة، وبالله تعالى التوفيق.
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالبيان فلفظه كله، جوابا كان أو غير جواب، محمول على عمومه، فإن لم يعط الجواب عموما غير ما سئل عنه لم يحمل على ما سواه حينئذ، كما أفتى صلى الله عليه وسلم الواطئ في رمضان بالكفارة، فوجب ألا يجعل على غير الواطئ لأنه ليس في لفظه صلى الله عليه وسلم ما يوجب مشاركة غير الواطئ للواطئ في ذلك، وكذلك أمره صلى الله عليه وسلم لمن أساء الصلاة، أو صلى خلف الصفوف منفردا بالإعادة، أمر لمن فعل مثل ذلك الفعل، وحكم في ذلك الفعل متى وجد، وأمره صلى الله عليه وسلم بغسل المحرم أمر في كل ميت في حال إحرام، وذكره صلى الله عليه وسلم أو ذكر ربه تعالى المسجد الحرام حكما في المسجد الحرام أنه لا يشركه فيه غيره، لأنه ليس ههنا مسجد حرام غيره، وليس ولكل لفظ إلا مقتضاه ومفهومه فقط، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: الأئمة من قريش حكم في قريش لا يشاركهم فيه غيرهم، ولا يقتصر به على بعضهم دون بعض، إلا من منع منه إجماع، من امرأة أو مجنون أو من لم يبلغ، وكذلك حب الأنصار فضل في
(٩١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 914 915 916 917 918 919 920 921 922 923 924 ... » »»
الفهرست