الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩١٧
عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس هذا مما يكتفى به في إقامة الصلاة وإتمام الصيام فقط، لكن كل ما جاءت به الشريعة زائد أبدا ضم إلى هذا.
ومن العجب العجيب أن قوما لم يبطلوا الصلاة بما أبطلها به صلى الله عليه وسلم من عدم القراءة لام القرآن، ومن ترك إقامة الأعضاء في الركوع والسجود، ومن فساد الصفوف، وأبطلوها بما لم يبطلها به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم من وقوف الامام في موضع أرفع من المأمومين، ومن اختلاف نية الإمام والمأموم . ثم فعلوا مثل ذلك في الصيام، فلم يبطلوه بما أبطله به الله تعالى، من عدم النية في كل ليلة، ومن الغيبة والكذب، ثم أبطلوه بما لم يبطله به الله تعالى، من الاكل ناسيا، ومن الحقنة، ومن الكحل بالعقاقير، فقلبوا الديانة كما ترى، وحرموا الحلال، وأحلوا الحرام وبالله تعالى نعوذ من الخذلان، وإياه نسأل التوفيق، لا إله إلا هو.
قال أبو محمد: وكذلك نقول في حديث أبي ذر رضي الله عنه فيما يقطع الصلاة فذكر الكلب الأسود وأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الكلب الأسود شيطان فليس في هذا الحديث أن سائر الكلاب لا تقطع الصلاة ولا أنها تقطع، فلما ورد حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: تقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب كان هذا عموما لكل كلب، وهو قول أنس وابن عباس وغيرهما. ومن أنكر هذا علينا من الشافعيين والمالكيين فليتفكروا في قولهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم:
ومن تولى رجلا بغير إذن مواليه فيلزمهم أن يبيحوا له تولي غير مواليه بإذنهم وهذا قول عطاء وغيره وهم يأبون ذلك، ومثل هذا من تناقضهم كثير.
(٩١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 912 913 914 915 916 917 918 919 920 921 922 ... » »»
الفهرست