الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٠٨
أيمانكم) * فأباح تعالى ما شاء مما ملكت أيماننا، وليس في هذا إباحة الزواج، ثم زادنا تعالى بيانا متصلا فقال: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين) * فاستثنى تعالى الزواج أيضا بالإباحة المذكورة.
والعمل في هذا يكثر إلا أن اختصار القول والغاية في ذلك قول الله تعالى:
* (خلق لكم ما في الأرض جميعا) * فهذه آية لو تركنا وظاهرها، لكان كل ما خلق الله تعالى في الأرض حلالا لنا، لكن حرم الله تعالى أشياء مما في الأرض فكانت مستثناة من جملة التحليل، فمن ذلك قوله تعالى: * (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) * * (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهم ويحفظن فروجهن) * مع الآية التي تلونا آنفا من قوله تعالى في آية التحريم: * (والمحصنات من النساء) * فلو تركنا وهذين النصين لحرم النساء كلهن وكن مستثنيات من جملة التحليل.
ثم قال تعالى: * (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) * فاستثنى الله عز وجل من جملة النساء المحرمات، الأزواج وملك اليمين، فلو تركنا وهذه الآية لحلت كل امرأة بالزواج خاصة، وبملك اليمين فقط، لا بالزنى من أم أو ابنة أو حريمة، لان المتزوجات والمملوكات بعض النساء وكانت هذه الآية موافقة لقوله تعالى: * (فأنكحوا ما طاب لكم من النساء) * ولقوله تعالى: * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) * ولا فرق بين شئ من هذه الآيات، ثم قال تعالى:
* (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) * إلى منتهى قوله: * (وأن تجمعوا بين الأختين) * وقال تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) * وقال تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * وقال تعالى: * (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) *.
وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وحرم بالرضاعة ما يحرم من النسب، وحرم النص فعل قوم لوط، ونكاح الزواني ونكاح الزناة للمسلمات، وحرم بالاجماع والنص بقوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * إلى قوله تعالى: * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) * ووطئ البهائم، والمشركة، وبدليل النص أيضا، فكان كل ما ذكرنا مستثنى مما أبيح
(٩٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 903 904 905 906 907 908 909 910 911 912 913 ... » »»
الفهرست