الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٠٩
من النساء بالزواج وملك اليمين، لان ما في هذه النصوص أقل مما ذكر في آية إباحة الأزواج وملك اليمين.
وقال تعالى: * (اليوم أحل لكم الطيبات) * إلى قوله عز وجل: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) * فاستثنى تعالى الكتابيات بالنكاح خاصة، وهذا يقع على الإماء منهن والحرائر وبقيت الأمة الكتابية حراما وطؤها بملك اليمين خاصة، وبقوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * ولما يأت في شئ من النصوص ما يبيحها.
ثم نظرنا في قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) * فوجدناه تعالى إنما ذكر في هذه الآية إباحة نكاح الأمة لمن لم يجد طولا، وخشي العنت وبقي حكم واحد الطول الذي لا يخاف العنت فلم نجده تعالى ذكر في هذه الآية إباحة ولا تحريما عليه، فرجعنا إلى سائر الآي فوجدناه تعالى قد أباح نكاح الإماء المؤمنات لكل مسلم، ولم يخص فقيرا من غني، ولا من عنده حرة ممن ليست عنده حرة، بقوله تعالى:
* (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) * فكان للعبد مباحا أن ينكح حرة وأمة، وللحر أيضا كذلك ولا فرق وكذلك الأمة الكتابية نكاحها للمسلم حلال بقوله تعالى: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) * وهذا قول عثمان البتي وغيره.
والعجب من الحنفيين في منعهم الزكاة عن غير السائمة بذكره صلى الله عليه وسلم السائمة في حديث أنس وإباحتهم ههنا نكاح الأمة المسلمة لمن وجد طولا لحرة مسلمة فهلا سألوا أنفسهم عن الفائدة في ذكره تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات) * كما سألوا هناك عن الفائدة في ذكر السائمة؟ ولكن هكذا يكون من اتبع رأيه وقياسه وهواه المضل.
والعجب من المالكيين في عكسهم ذلك فقالوا: ليس في قوله صلى الله عليه وسلم (في السائمة) ما يوجب أن يسقط الزكاة من غير السائمة، وقالوا ههنا: ذكره تعالى عادم الطول والأمة المؤمنة موجب التحريم الأمة الكتابية ثم في الوقت أباحوا الأمة المؤمنة لواجد الطول.
(٩٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 904 905 906 907 908 909 910 911 912 913 914 ... » »»
الفهرست