الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٨٩٨
ذكره تعالى الصلوات إذ يقول عز من قائل: * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فيسأل هؤلاء المقدمون كما سألوا: فيقال لهم: المعنى في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم السائمة بالذكر في بعض الأحاديث كالمعنى في تخصيصه تعالى الصلاة الوسطى بالمحافظة دون سائر الصلوات في لفظ مفرد، وقد عمهما تعالى في سائر الصلوات كما عم رسوله عليه السلام السائمة مع غير السائمة في حديث ابن عمر فبطل بما ذكرنا اعتراضهم بطلب الفائدة في تكرار السائمة، وبأن ذكر الغنم جملة كان يكفي، ولاح أن سؤالهم سؤال إلحاد وشر. وبالله تعالى التوفيق.
وقد يكفي من هذا قوله تعالى: * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) * وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون ولا تنطع أعظم من قول قائل: لم قال الله تعالى أمرا كذا ولم يقل أمرا كذا؟ وبالله تعالى نستعين.
وقالوا إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الولاء لمن أعتق دليل على أن لا ولاء لمن لم يعتق.
قال أبو محمد: وليس كما ظنوا، ولكن لما كان الأصل أن لا ولاء لاحد على أحد بقوله تعالى: * (يا بني آدم) *. وبقوله تعالى: * (إنما المؤمنون إخوة) * وبقوله عليه السلام: كل المسلم على المسلم حرام، ثم جاء الحديث المذكور وجب به الولاء لمن أعتق، وبقي من لم يعتق على ما كان عليه مذ خلق من أن لا ولاء لاحد عليه إلا من أوجب عليه الاجماع، المنقول المتيقن إلى حكم النبي صلى الله عليه وسلم، ولولا، مثل من تناسل من المعتق من أصلاب أبنائه الذكور من كل من يرجع إليه نسبه، ممن حمل به بعد الولاء المنعقد على الذي ينتسب إليه، كأسامة بن زيد وغيره، ولولا قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الولاء لمن أعتق ما وجب المعتق ولاء على المعتق، لان ذلك إيجاب شريعة وشرط، والشرائع لا تكون إلا بإذن من الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وكل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ووجدنا هذا الحديث الذي احتجوا به لم يمنع من وجوب الولاء لغير من أعتق، مثل ما ذكرنا من وجوب ولاء ولد المعتق، ولم يعتقه أحد، ولا ولدته أمه، ولا حمل به إلا وهو حر، لولد معتق أبيه وهو لم يعتقه قط، ولا ملكه قط، ولا أعتق أباه ولا جده ولا ملكهما قط، ولا أعتقه أبو هذا الذي ولاؤه الآن، ولا جده ولا ملكاه قط، فبطل ما ادعوه من القول
(٨٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 893 894 895 896 897 898 899 900 901 902 903 ... » »»
الفهرست