الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٠٥
تعالى: * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * ولو لم يكن ههنا إلا قوله تعالى: * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) * ما كان فيه إيجاب الصيام ولا المنع منه. وكذلك قوله عليه السلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله إنما حرم القتال بقوله عليه السلام: فإذا قالوها عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وهكذا سائر النصوص التي وردت على هذا الحسب، وبالله تعالى التوفيق.
وذكروا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
قالوا: فدل ذلك على أن التي لم تؤبر بخلاف التي أبرت وأنها للمبتاع.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لأننا لم نقض من هذا الحديث أن الثمرة التي تؤبر للمبتاع، لكن لما كانت التي تؤبر غائبة لم تظهر بعد كانت معدومة، وكانت بعض ما في عمق النخلة المبيعة كانت داخلة في المبيع لأنها بعضه.
ثم نقول لهم: وبعد أن بينا بطلان ظنكم فنحن نريكم إن شاء الله تعالى تناقضكم في هذا المكان فنقول: إن كنتم إذا قضيتم بأن المسكوت عنه بخلاف المذكور، فما قولكم لمن قال لكم: بل ما المسكوت عنه ههنا إلا في حكم المذكور قياسا عليه؟
فتكون الثمرة التي لم تؤبر للبائع أيضا قياسا على التي أبرت؟ وقد قال أبو حنيفة:
لا فرق بين الابار وعدمه، فنسي قوله، لم يذكر صلى الله عليه وسلم السائمة إلا لأنها بخلاف غير السائمة، ولولا ذلك لما كان في زكاة السائمة فائدة، وجعل ههنا ذكره عليه السلام الابار لا لفائدة، وجعله كترك الابار فبان اضطراب هؤلاء القوم جملة وبالله تعالى التوفيق.
واحتج الطحاوي في إسقاط الزكاة عما أصيب في أرض الخراج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: منعت العراق قفيزها ودرهمها الحديث قال: فلو كان في أرض الخراج شئ غير الخراج لذكره صلى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: فيقال للطحاوي: أرأيت إن قال لك قائل: إن قوله صلى الله عليه وسلم:
فيما سقت السماء العشر دليل على أن لا خراج على شئ من الأرض لأنه لو كان فيها خراج لذكره في هذا الحديث فإن قال: قد ذكر الخراج في الحديث
(٩٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 900 901 902 903 904 905 906 907 908 909 910 ... » »»
الفهرست