الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٦٣
وإنما قلنا هذا حسما للأقوال، وإنما فالضمير راجع إلى عمل الشيطان، والرجس، بنص الآية، من عمل الشيطان، فهو مأمور باجتنابه بيقين، والخنزير رجس بنص القرآن، والخنزير كله حرام، والخنزير في لغة العرب، التي بها خوطبنا، اسم للجنس يقع تحته الذكر والأنثى والصغير والكبير، فبطل ما ظنوا أن تحريم الشحم إنما هو جهة القياس، وبالله تعالى التوفيق.
ثم نقول لهم: أخبرونا عن قول الله تعالى: * (أو لحم خنزير فإنه رجس) * ماذا أراد به عندكم؟ اللحم وحده دون الشحم؟ فإن قلتم ذلك فقد أباح الشحم على قولكم، وهذا خلاف الاسلام، وخلاف قولكم، أ أراد به الشحم واللحم والعظم واللبن؟ فهذا باطل، لان كل ذلك يقع عليه عند أحد اسم لحم، فقد حصل قولكم بين كذب وكفر، لا بد من إحداهما، فإن قالوا: حرم اللحم ودل بذلك على الشحم قلنا: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، وفي هذا خالفناكم وكذبنا دعواكم، فحصلوا في ضلال محض.
واحتج بعضهم بأن قال: يلزمكم ألا تبيحوا قتل الكفار إلا بضرب الرقاب فقط، لقول الله تعالى: * (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) *.
قال أبو محمد: والجواب بأن الله تعالى إنما قال هذا في المتمكن منهم من الكفار، وهذا فرض بلا شك، ولا يحل خلافه، فمن أراد الامام قتله من الأسارى لم يحل قتله إلا بضرب الرقبة خاصة، لا بالتوسيط ولا بالرماح ولا بالنبل ولا بالحجارة ولا بالخنق ولا بالسم ولا بقطع الأعضاء. وأما من لا يتمكن منه فقد قال تعالى: * (فاضربوا منهم كل بنان) * وقال تعالى: * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * فقتل هؤلاء واجب كيف ما أمكن بالنص المذكور، وهذا ما لا نعلم فيه خلافا، وهو ظاهر الآيات المذكورات ويبين أن المراد بالآية التي فيها ضرب رقاب الاسرى فقط قوله تعالى في تلك الآية بعينها: * (فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء) * فاستثنى الاسرى من جملة قوله تعالى: * (واضربوا منهم كل بنان) * و: * (اقتلوا المشركين) *.
وقال بعضهم أيضا: يلزمكم ألا تجيزوا أن يبدأ في غسل الذراعين في الوضوء إلا من الأنامل، لقول الله تعالى: * (إلى المرافق) *.
(٩٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 958 959 960 961 962 963 964 965 966 967 968 ... » »»
الفهرست