الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٦٠
أن تنكح إلا واحدا ولا تتسرى، ولم يقيسوا عليهن، إلى كثير مثل هذا اكتفينا منه بهذا المقدار.
فلما وجدنا أحكام الرجال، وأحكام النساء تختلف كثيرا، وتتفق كثير، على حسب ورود النص في ذلك فقط، بطل أن يقاس حكم الرجال على النساء، إذا اقتصر النص عن ذكرهن، أو أن تقاس النساء على الرجال،: إذا اقتصر النص على ذكرهم. إذ ليس الجمع بين أحكامهن وأحكام الرجال حيث لم يأت النص بالتفريق قياسا على ما جاء النص فيه متساويا بين أحكامهن وأحكامهم، أولى من التفريق بين أحكامهن وأحكام الرجال، حيث لم يأت النص بالجمع قياسا على ما جاء النص فيه مفرقا بين أحكامهن وأحكامهم، وهذا في غاية الوضوح. والحقيقة بلا شك فيها، فلو كان القياس حقا لكان قياس قاذف الرجل في إيجاب الحد عليه على قاذف المرأة باطلا متيقنا لا يجوز الحكم به أصلا فارتفع توهمهم جملة، والحمد لله رب العالمين.
ومن أوضح برهان على أن حد قاذف الرجل ليس عن قياس على قاذف المرأة بالزنا أن بعد أمر الله بجلد قاذف المحصنات بسطر واحد فقط قوله تعالى:
* (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) * الآيات... فلا خلاف بين أحد من الأمة أنه لا يقاس قاذفة زوجها أن تلاعن على قاذف زوجته أن يلاعن، فلو كان القياس حقا، لما كان قياس قاذف الرجل على قاذف المرأة أن يجلد الحد: أولى ولا أصح من قياس قاذفة زوجها على قاذف زوجته أن تلاعنه أيضا، ولا يجد أحد فرق بين الامرين أصلا، فصح أن القياس باطل إذ لو كان حقا لاستعمله الناس في الملاعنة، وصح أن جلد قاذف الرجل ليس عن قياس وأنه عن نص كما ذكرنا، وبالله التوفيق.
واحتج بعضهم بقول الله تعالى: * (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) *.
قال أبو محمد: وجمجم هذا المحتج ولم يصرح على ههنا أشياء من القرآن مفتقرة إلى القياس.
قال أبو محمد: وهذا كلام يسئ الظن بمعتقد، قائله، ولا قول أسوأ من قول من قال: إن الله تعالى شبه على عباده فيما أراد منهم وفيما كلفهم، وإن رسول الله
(٩٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 955 956 957 958 959 960 961 962 963 964 965 ... » »»
الفهرست