الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٥٩
قلنا لهم: وأي دليل لكم في الاجماع؟ والاجماع لنا لا لكم لان الاجماع إنما كان من هذا النص المذكور، فهاتوا دليلا على أنه كان عن قياس، ولا سبيل لهم إلى دليل ذلك أصلا، لا برهاني ولا إقناعي ولا شغبي، وظهر بطلان قولهم، والحمد لله رب العالمين.
ثم نعود إلى إبطال أن يكون حد قاذف الرجل قياسا جملة ولا بد، فنقول وبالله تعالى نتأيد: إننا وجدنا أحكام الرجال والنساء تختلف في مواضع، فالرجال عليهم الجمعات والجماعات فرضا، والنساء لا تلزمهن جمعة ولا جماعة فرضا، وقد استووا في حكم سائر الصلاة والزكاة، والمرأة لا تسافر في غير واجب إلا مع زوج أو ذي محرم، والرجل يسافر حيث شاء دون زوجة، ودون ذي محرم، والخوف عليه من أن يزني كالخوف عليها من أن تزني ولا فرق، لان زناها لا يكون إلا مع رجل، وحكمهن في اللباس مخالف لحكم الرجل. فلا يجوز للرجال لباس القمص والعمائم والسراويل في الاحرام، وهذا مباح للنساء، واستووا في تحريم الطيب عليهم وعليهن في الاحرام، والرجال عليهم الصلاة مع الامام بمزدلفة صلاة الصبح، ومباح للنساء السفر قبل ذلك فاستووا فيما عدا ذلك، والجهاد على الرجال، ولا جهاد على النساء، وشهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، وخصومنا ههنا لا يقبلون النساء أصلا إلا في الأموال مع رجل ولا بد، وفي عيوب النساء والولادات فقط. ويقبلون الرجال فيما عدا ذلك، ولا يقيسون الرجال عليهن ولا يقيسوهن على الرجال، وليس هذا إجماعا، ودية المرأة نصف دية الرجل، وكثير من الحاضرين من خصومنا ههنا يسوون بينهن وبين الرجال في مقدور محدود من الديات، ويفرقون بين أحكامهم وأحكامهن في سائر ذلك، ولا يقيسون النساء على الرجال، ولا الرجال على النساء، وحد المرأة كحد الرجل في القذف والخمر والزنى والقتل والقطع في السرقة، وفرق بين الحاضرين من خصومنا في التغريب في الزنى بين الرجال والنساء، وفرق آخرون منهم في حد الردة، بين الرجال والنساء فرأوا قتل الرجل في الردة، ولم يروا قتل المرأة في الردة، وتركوا القياس ههنا، وللرجل أن ينكح أربعا ويتسرى، ولا يحل للمرأة
(٩٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 954 955 956 957 958 959 960 961 962 963 964 ... » »»
الفهرست