الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٥٧
إلى بيان أنه لا يجوز أن يكون قياسا، وأنه لو استعمل ههنا القياس لكان حكمه غير ما قالوا، وبالله تعالى التوفيق، فنقول وبالله تعالى نتأيد:
إن قول الله عز وجل: * (والذين يرمون المحصنات) * عموم لا يجوز تخصيصا إلا بنص أو إجماع، فممكن أن يريد الله تعالى النساء المحصنات كما قلتم، وممكن أن يريد الفروج المحصنات، وهذا غير منكر في اللغة التي بها نزل القرآن، وخاطبنا بها الله تعالى، قال الله عز وجل: * (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا) * يريد من السحاب المعصرات، فقلنا نحن: إنه أراد الفروج المحصنات، وقلتم أنتم: إنه أراد النساء المحصنات، فوجب علينا ترجيع دعوانا بالبرهان الواضح، فقلنا:
إن الفروج أعم من النساء، لان الاقتصار بمراد الله تعالى على النساء خاصة تخصيص لعموم اللفظ، وتخصيص العموم لا يجوز إلا بنص أو إجماع.
وأيضا فإن الفروج هي المرمية لا غير ذلك من الرجال والنساء، برهان ذلك ما قاله تعالى: * (والذين هم لفروجهم حافظون ئ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) * وقال تعالى: * (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) * * (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) * وقال تعالى: * (والحافظين فروجهم والحافظات) * وقال تعالى: * (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها) * فصح أن الفرج هو المحصن وصاحبه هو المحصن له بنص القرآن.
حدثنا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد ابن محمد نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، نا إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - أنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال:
ما رأيت أن شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.
وبه إلى مسلم: ثنا إسحاق بن منصور، أنا هشام المخزومي، هو ابن سلمة، ثنا وهيب بن خالد، ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(٩٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 952 953 954 955 956 957 958 959 960 961 962 ... » »»
الفهرست