الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٧٠
لا يصوم أحد عن أحد. وأما المالكيون والحنفيون فإنهم زادوا إقداما، فلا يقولون بقضاء ديون الله تعالى من الزكاة والنذور والكفارات من رأس مال أحد.
ويقولون: ديون الناس أحق بالقضاء من ديون الله تعالى، واقضوا الناس فهم أحق بالوفاء، وإن ديون الناس من رأس المال، وديون الله تعالى من الثلث، إن أوصى بها، وإلا فلا تؤدى البتة، لا من الثلث ولا من غيره، والله إن الجلود لتقشعر من أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: اقضوا الله فهو أحق بالوفاء و: دين الله أحق أن يقضى فيقول هؤلاء المساكين بآرائهم المخذولة، تقليدا لمن لم يعصم من الخطأ، ولا أتته براءة من الله تعالى بالصواب، من أبي حنيفة ومالك وأصحابهما، دعوا كلام نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولا تلتفتوه وخذوا قولنا:
فاقضوا ديون الناس، فدينهم أحق من دين الله تعالى.
قال أبو محمد: ما نعلم في البدع أقبح من هذا ولا أشنع منه، لان أهل البدع لم يصححوا الأحاديث فهم أعذر في تركها، وهؤلاء يقولون بزعمهم بخبر الواحد العدل، وأنه حق لا يجوز خلافه، وليس لهم في هذه الأسانيد مطعن البتة ثم يقدمون على المجاهرة بخلافها.
والذي لا يشك فيه، أن من بلغته هذه الآثار. وصحت عنده، ثم استجاز خلاف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعا لقول أبي حنيفة ومالك فهو كافر مشرك حلال الدم والمال، لاحق باليهود النصارى.
وأما من صحح مثل هذا الاسناد وحكم به في الدين، ثم قال في هذه لا يصح، فهو فاسق وقاح قليل الحياء بادي المجاهرة، نعوذ بالله من كلتي الخطتين فهما خطتا خسف.
ثم تركهم كلهم أن يقيسوا الصوم عن الميت، وإن أوصى به على الحج عنه إذا أوصى به، وهم يدعون أنهم أصحاب قياس، فهم أول من ترك القياس، في الحديث الذي احتجوا به مع تركهم لحديث الصوم، وقياسهم عليه وهم لا يأخذون به.
(٩٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 965 966 967 968 969 970 971 972 973 974 975 ... » »»
الفهرست