الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩٤
قال: لا يجوز ذلك، ثم يجعل هذا الحديث نفسه حجة في تضمين القائد والسائق قياسا على الراكب وهذا عجب عجيب.
ثم تلاه في ذلك ابن الجهم، فاحتج أنه لا يجزئه من ذبح الهدي أو الأضحية ليلا بالنهي عن حصاد الليل وجذاذه، فإذا قيل له: أتمنع من حصاد الليل وجداده؟ قال: لا، فهو يخالف ما أقر أنه حجة فيما ورد فيه، ويحتج به فيما ليس منه في ورد ولا صدر.
ثم تلاه في ذلك ابن أبي زيد، فاحتج في مخالفته نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على القبر بصلاته صلى الله عليه وسلم على قبر المسكينة السوداء رضي الله عنها. فإذا سئل:
أتأخذ بصلاته صلى الله عليه وسلم على قبر المسكينة السوداء؟ قال: لا.
قال أبو محمد: وهذا كثير منهم جدا، كاحتجاج المالكيين في شق زقاق الخمر، وكسر أوانيها بالحديث الوارد في إحراق رجل الغال، فإذا قيل لهم:
أتحرقون رجل الغال؟ قالوا: لا.
وقد رأيت لرجل منهم يدعى الأبهر، ويكنى بأبي جعفر احتجاجا أن الصداق لا يكون أقل من ثلاثة دراهم بحديث رواه: إن الصداق لا يكون أقل من عشرة دراهم. ومثل هذا من نوادرهم كثير، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم نرجع إلى ما احتجوا به من قول ابن عمر: فعدل الناس بصاع من شعير نصف صاع بر فأول ذلك أن ابن عمر الذي يروون عنه هذا القول لا يرضى به ولا يقول به.
حدثنا أحمد بن محمد الجسور، ثنا أحمد بن مطرف، نا عبد الله بن يحيى، نا أبي، ثنا مالك عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان لا يخرج في زكاة الفطر إلا التمر مرة واحدة، فإنه أخرج شعيرا.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا عبد الله بن نصر الزاهد، نا قاسم بن أصبغ، ثنا ابن وضاح، نا موسى بن معاوية، نا وكيع بن عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال:
قلت لابن عمر: إن الله تعالى قد أوسع والبر أفضل من التمر، قال: إن أصحابي
(٩٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 989 990 991 992 993 994 995 996 997 998 999 ... » »»
الفهرست