الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩٩
باسمه، فما نص صلى الله عليه وسلم في واجب أخذه في الزكاة وجب قبوله، وما لم ينص على وجوبه فلا يحل أخذه لاحد، فهكذا سقطت الزكاة عن الثياب والعروض كلها على كل حال.
وأيضا فقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أوسق من حب أو تمر صدقة ودون في لغة العرب بمعنى: غير، وبمعنى أقل، قال تعالى: * (من دون الله أولياء) * يريد من غير الله، فوجب بهذا الحديث أن لا يؤخذ شئ من غير التمر والحب إلا ما جاء النص على وجوب أخذه بعينه واسمه وليس حمل لفظه دون على بعض ما تقتضيه أولى من حملها على كل ما تقتضيه.
وأيضا: فإن سقوط الزكاة عن الثياب المتخذة لغير التجارة إجماع لا خلاف فيه من أحد، والاجماع الانقياد وكان يلزمهم، وهو الموجبون لاستعمال القياس والتدين به، أن يوجبوا الزكاة في الثياب، قياسا على وجوبها في القمح والتمر والذهب والفضة، لان هذا كله موات لا حيوان، فالثياب بالذهب والفضة والقمح والتمر أشبه منها بالحمير، وليت شعري ما الذي أوجب عندهم قياس الثياب على الحمير، دون أن يقيسوها على الغنم والإبل، فيوجبوا فيها الزكاة؟
لان الثياب لا تكون إلا من جلود أو نبات، إلا من شذ كالحرير، وهو أيضا من حيوان، فقياسها على ما هي مأخوذة منه أولى من قياسها على ما لا شبه بينها وبينه.
هذا إن كان القياس حقا بل ههنا قياس هو أقرب وأشبه على أصولهم، وهو قياس المنتقاة على الثياب المتخذة للتجارة، وكما أوجب المالكيون الزكاة في غير السائمة قياسا على السائمة، وكما قالوا: يجمع بين الذهب والفضة في غير التجارة، كما يجمع بينهما في التجارة وبين سائر العروض المتخذة للتجارة، فبطل تمويههم والحمد لله رب العالمين.
واحتجوا أيضا بوجوب الزكاة في الذهب، وقالوا: هو قياس على الفضة.
قال أبو محمد: وهذا في الفساد كالذي قبله، لان الخبر في زكاة الذهب ووجوب
(٩٩٩)
مفاتيح البحث: الزكاة (7)، التمر (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 994 995 996 997 998 999 1000 1001 1002 1003 1004 ... » »»
الفهرست