الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠٠١
بدخول ذلك في النصف، فإذا اقتصر أحدهما على بعض ماله أن يعاقد عليه مع سائره فذلك جائز له بالنص المجيز له أن يعاقد على ما دون النصف مع قوله تعالى:
* (ولا تنسوا الفضل بينكم) * فتجافيه عن بعض ماله أن يشترطه فضل منه.
واحتجوا بقيم المتلفات ومهر المثل، ومقدار المتعة والنفقات، وإن كل ذلك لا نص فيه، قالوا: فوجب الرجوع إلى القياس.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه البتة، ولا للقياس هنا مدخل أصلا لأنه ليس ههنا شئ آخر منصوص عليه يقيسون عليه هذه الأشياء، وهذا هو القياس عندهم، فبطل تمويههم، إن هذا القياس، وما هو إلا نص جلي، لا داخلة فيه، وهو قول الله تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * فهل في البيان أكثر من هذا؟ وهل هذا إلا نص على كل قصة وجب فيها ضمان المثل؟. فأي معنى للقياس فيمن أتلف الآخر ثوبا قيمته دينار فقضى عليه بثوب مثله، فإن لم يوجد فمثله من القيمة في سوق البلد الذي وقع فيه الغصب، أو الذي وقع فيه الحكم؟.
وكذلك امرأة وجب لها مهر مثلها بالنص، فعلم مقدار ما تطيب به نفس مثلها في المعهود الذي أحالنا الله تعالى عليه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
وكذلك نص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن للأزواج والأقارب والمماليك النفقة والكسوة بالمعروف، وساوى في ذلك بين الأقارب وبين من ذكرنا وأحالنا على المعروف، والمعروف هو غير المنكر، فهو ما تعارفه الناس في نفقات من ذكرنا، وما فيه مصالحهم من كسوة معروفة لأمثالهم، وإسكان وغير ذلك، مما لا قوام للمعاش إلا به، مما لا جوع فيه ولا عري ولا عطش ولا برد، ولا شهرة ولا اتضاع، ولا إسراف ولا تبذير، ولا تقصير ولا تقتير، فهذا هو المنكر، وضده هو المعروف، فأين القياس ههنا؟ وعلى أي شئ قاسوا ما ذكرنا فإذ ليس ههنا شئ يقاس عليه ما ذكرنا البتة فقد بطل أن يكون قياسا، وبطل تمويههم في ذلك. واحتجوا أيضا بأروش الجراحات والجنايات والديات.
قال أبو محمد: وهذا في التمويه كالذي قبله، وقولنا في ذلك: إن كل ما أوجبه من ذلك نص وقف عنده، وما لم يوجبه نص فهو ساقط لا يقضى به للنص الوارد:
(١٠٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 996 997 998 999 1000 1001 1002 1003 1004 1005 1006 ... » »»
الفهرست