الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠٠٥
وأقربها إلى الله عز وجل، وأحبها إليه تعالى فاقض به.
قال أبو محمد: وهذا باطل موضوع: وما يدري القايس إذا شبهت الوجوه أيها أحب إلى الله عز وجل، أو أيها أقرب إليه؟ وهذا ما يقطعون به، ولا يقطع به أحد له حظ من علم.
ثم قوله: اعمد إلى أشبهها بالحق، ولا نعلم إلا حقا أو باطلا، فما أشبه الحق فلا يخلو من أن يكون حقا أو باطلا، فالباطل لا يحل الحكم به، وإن كان حقا فلا يجوز أن يقال في الحق إنه أشبه طبقته ونظرائه بالحق، ولكن يقال في الحق إنه حق بلا شك، ولا يجوز أن يقال فيه يشبه الحق، فصح أن القياس باطل بلا شك، وبطلت تلك الرسالة بلا شك. وبالله تعالى التوفيق.
فإن قال قائل: أفتقطعون في خبر الواحد العدل أنه حق إذا قضيتم به أم تقولون: إنه باطل، أم تقولون: إنه يشبه الحق، وهذا نفس ما دخلتم علينا؟.
قال أبو محمد: والجواب، وبالله التوفيق: إن خبر الواحد العدل المتصل، وشهادة العدلين حق عند الله عز وجل، مقطوع به، إلا أننا نحن نقول: إن كل خبر صح مسندا بنقل من اتفق على عدالته، فهو حق عند الله، بخلاف الشهادات، وقال غيرنا:
إن كل شخص من أشخاص الاخبار وأشخاص الشهادات، إما حق عند الله فهو حق مطلق، وإما باطل عند الله فهو باطل مطلق. ولا يجوز أن يقال: إنه يشبه الحق، ولا إنه أشبه بالحق من غيره، ولسنا نوقفهم في هذه المراجعة على مذهبهم في أشخاص القياس، وإنما نتكلم على ما رووا عن عمر من لفظ، أشبهها بالحق، فعلى هذه اللفظة تكلمنا، وفسادها بينا لنرى بعون الله كذب الرواية في ذلك عن عمر.
وأما: ولا أحسب كل شئ إلا مثله فحدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد بن محمد الأشقر، ثنا أحمد بن علي القلانسي، ثنا مسلم، ثنا قتيبة، ثنا حماد - وهو ابن زيد - عن عمر بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس: واحسب كل شئ مثله.
(١٠٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1000 1001 1002 1003 1004 1005 1006 1007 1008 1009 1010 ... » »»
الفهرست