الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠١٦
المعهودة، أو وضع حد مفترض في أكل الربا، وكل هذا كفر ممن أجازه.
ثم المشهور عن علي: رضي الله عنه بالسند الصحيح، أنه جلد الوليد بن عقبة في الخمر أربعين، في أيام عثمان رضي الله عنه، فبطل يقينا أن يكون يرى الحد ثمانين، ويجلد هو أربعين فقط، وهذا الحديث يكذب كل ما عن علي بخلافه.
وأيضا فليس كل من يشرب الخمر يسكر، وشارب الجرعة لا يسكر، والحد عليه، ولا كل من يسكر يهذي، ففي الناس كثير يغلب عليهم السكون حينئذ، نعم وذكر الله تعالى الآخرة والبكاء والدعاء والتأدب الزائد، ولا كل من يهذي يفتري، فالمبرسم يهذي ولا يفتري، ولا كل من يفتري يلزمه الحد، فقد يفتري المجنون والنائم، فلا يحدان، فوضح أن هذا الكلام المنسوب إلى علي، وقد نزهه الله تعالى عنه، من الكذب في منزله ينزه عنها كل ذي عقل فكيف مثله رحمة الله عليه.
وأيضا، فإن كان يجلد لفرية لم يفترها بعد، فهذا ظلم بإجماع الأمة، ولا خلاف بين اثنين أنه لا يحل لاحد أن يؤاخذ مسلما أو ذميا بما لم يفعل، ولا أن يقدم إليه عقوبة معجلة لذنب لم يفعله، عسى أن يفعله، أو عسى ألا يفعله، وإنما عندنا هذا من فعل ظلمة الملوك ذوي الأعياث، المشتهرين بأتباعهم من السخفاء المتطايبين بمثل هذا، وشبه من السخف، ومثل هذا الجنون لا يضيفه إلى عمر وعلي إلا جاهل بهما وبمحلهما من الفضل والعلم رضي الله عنهما.
وعهدنا بهؤلاء القوم يقولون ادرؤوا الحدود بالشبهات، فصاروا ههنا يقيمون الحدود وينسبون إلى عمر، وعلى إقامتها بأضعف الشبهات، لان لا شبهة أحمق من
(١٠١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1011 1012 1013 1014 1015 1016 1017 1018 1019 1020 1021 ... » »»
الفهرست