الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠١١
وبه إلى مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا وكيع، نا إسماعيل بن مسلم العبدي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح - مثلا بمثل فمن زاد واستزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء.
قال أبو محمد: فمن المحال البين أن يكون نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل عند أبي سعيد سماعا من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، ويعول في تحريمه على القياس. فصح أن هذا الأثر لا مدخل للقياس فيه أصلا، لان القياس عند القائلين به، إنما هو: حكم في شئ ولا نص فيه، على نحو الحكم في نظيره، مما جاء فيه النص، والنص عند أبي سعيد مسموع في الفضة بالفضة، كما هو في التمر بالتمر، فبطل ضرورة إقرار أصحاب القياس أن يكون أحد الامرين عنده قياسا على الآخر.
فإن قيل: فما وجه قول أبي سعيد إذن هو القول، فنقول وبالله تعالى التوفيق:
إننا لا نشك أن أبا نضرة مسخ لفظ أبي سعيد، وحذف منه ما لا يقوم المعنى إلا به. كما فعل في صدر هذا الحديث نفسه، من قوله: سألت ابن عباس وابن عمر عن الصرف فلم يريا به بأسا، وهذا كلام مطموس، لان الصرف لا بأس به عند كل أحد من الأمة، إذا كان على ما جاء به النص، من التماثل والتعاقد في الفضة بالفضة وفي الذهب بالذهب، ومن التفاضل والتناقد في الذهب بالفضة، فطمس أبو نضرة كل هذا. وكذلك فعل بلا شك في كلام أبي سعيد، ويجوز غير هذا أصلا، إذ من الباطل أن يروي من هو أوثق من أبي نضرة، عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يوجب أن التفاضل في الفضة بالفضة ربا، ثم لا يعول أبو سعيد في تحريم ذلك إلا على تحريم التمر بالتمر متفاضلا، هذا ما لا يدخل في عقل أحد. وجميع أصحاب القياس لا يجوزون هذا القياس، ولا يدخلون الصفر بالصفر، قياسا على الربا في التمر بالتمر، فبطل تعلقهم بهذا الخبر جملة والحمد لله رب العالمين، وبالله تعالى نعتصم.
وأما: سكر هذى فحدثناه حمام بن أحمد، ثنا ابن مفرج، ثنا ابن الأعرابي، ثنا الدبري، نا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، أن عمر بن
(١٠١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1006 1007 1008 1009 1010 1011 1012 1013 1014 1015 1016 ... » »»
الفهرست