الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠٢٢
أن الميراث يستحق بالدنو في القرابة، فإذا كان ذلك والاخوة عندهما أقرب من الجد، فإذ هم أقرب من الجد، فلا يجوز أن يمنعوا من الميراث معه، وللجد فرض بإجماع، فلم يجز أن يمنع أيضا من أجلهم، وخالفهما غيرهما في قولهما إن الأخ أقرب من الجد.
فههنا ضربا هذين المثلين، ليريا أن قربى الأخ من الأخ المتولدين من الأب، كقربى الغصن والغصن المتفرعين من غصن واحد ومن شجرة، أو كقربى جدول من جدول تفرعا جميعا من خليج من واد، لكان قولا، وهذا تشبيه حسي عياني ضروري لا شك فيه، إلا أنه ليس من قبل التشبيه بقرب الولادة تستحق الميراث فالعم وابن الأخ أقرب من الجد، ولا خلاف بيننا وبين خصومنا أنهما لا يرثان معه شيئا، وابن البنت أقرب، ابن العم، الذي يلتقي مع المرء إلى الجد العاشر وأكثر، ولا يرث معه شيئا بإجماع الأمة.
ونحن لم ننكر الاشتباه، وإنما أنكرنا أن نوجب أحكاما لم يأذن بها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم من أجل الاشتباه في الصفات، فبطل أن يكون لهذا الخبر مدخل في القياس، أو تعلق به بوجه من الوجوه، ولكن تمويه أصحاب القياس في قياسهم وفيما يحتجون به لقياسهم، متقارب كله في الضعف والسقوط والتمويه على الضعفاء المغترين بهم. نسأل الله أن يفئ بهم إلى الهدى والتوفيق بمنه.
وأما قول علي، إذ بلغه أن معاوية قال إذ قتل عمار فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتل عمارا الفئة الباغية فقال معاوية: إنما قتله من أخرجه فبلغ ذلك عليا فقال - فرسول الله صلى الله عليه وسلم إذن هو قتل حمزة فلا أعجب من تجليح من أدخل هذا القياس وهل هذا إلا الائتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في قتل الصالحين بين يديه، ناصرين له؟ ومن استجاز أن يقول، إن هذا قياس فليقل: إن قول لا إله إلا الله قياس، لأنه إذا قيل لنا: لم تقولون ذلك؟ قلنا: لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قالها.
(١٠٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1017 1018 1019 1020 1021 1022 1023 1024 1025 1026 1027 ... » »»
الفهرست