الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠٢٣
وأن الاشتغال بمثل هذا لعناء لولا الرجاء في الاجر الجزيل في بيان تمويه هؤلاء القوم الذين اختدعوا الأغمار بمثل هذه الدعاوي، وإنما هذا من علي رضي الله عنه ليري معاوية تناقض قوله إنه إنما قتل عمارا من أخرجه.
وهذا مثل قول المالكي والحنفي: إن نكاح من أعتق أمته وتزوجها وجعل عتقها صداقها، نكاح فاسد، فيقول لهم أصحابنا والشافعيون: فنكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن صفية فاسد فإن أقدموا على ذلك كفروا وإن كعوا عنه تناقضوا، وكقول الحنفي: إن الحكم باليمين مع الشاهد مخالف للقرآن، فنقول لهم، نحن والشافعيون والمالكيون، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إذن مخالف للقرآن فإن قالوا بذلك كفروا وإن كعوا تناقضوا.
وكقول المالكيين: إن صلاة الصحيح المؤتم بإمام مريض قاعدة فاسدة، فنقول لهم، نحن والشافعيون والحنفيون: فصلاة الناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه كذلك وأمره صلى الله عليه وسلم الناس إذا صلى إمامهم قاعدا أن يصلوا قعودا فاسد كل ذلك باطل فإن قالوه كفروا وإن كعوا عنه تناقضوا، وإن من ظن أن هذا قياس لمخذول أعمى القلب.
ومن هذا الباب هو قول علي: فرسول الله صلى الله عليه وسلم إذن هو قتل حمزة إذ أخرجه، وأي قياس ههنا لو عقل هؤلاء القوم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكذلك قصة علي رضي الله عنه يوم القضية بينه وبين أهل الشام إذ أراد أن يكتب علي أمير المؤمنين فأنكر ذلك عمرو، ومن حضر من أهل الشام وقالوا: اكتب اسمك واسم أبيك، ففعل. فقالت الخوارج لما محا أمير المؤمنين:
قد خلعت نفسك، فاحتج عليهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، إذ أنكر سهيل بن عمرو حين القضية يوم الحديبية أن يكتب في الكتاب محمد رسول الله فمحا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب محمد بن عبد الله فقال علي: أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم محا نفسه من النبوة إذ محا رسول الله من الصحيفة؟.
قال أبو محمد: وهذا كالذي في قصة عمار سواء بسواء، ولا مدخل للقياس
(١٠٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1018 1019 1020 1021 1022 1023 1024 1025 1026 1027 1028 ... » »»
الفهرست