الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠٢١
الخوطين أقرب إلى أخيه منه إلى الأصل؟. قال زيد: فأنا أعبر له وأضرب له هذه الأمثال، وهو يأبى إلا أن الجد أولى من الاخوة ويقول: والله لولا إني قضيته اليوم لبعضهم لقضيت به للجد كله. ولكن لعلي لا أخيب سهم أحد، ولعلهم أن يكونوا كلهم ذي حق، وضرب علي وابن عباس يومئذ لعمر مثلا معناه: لو أن سيلا سال فخلج من خليج، ثم خلج من ذلك الخليج شعبتان.
قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه لوجهين: أحدهما: أن كلا من هذين الاسنادين ضعيف، في الأول عيسى بن أبي عيسى الخياط وهو ضعيف، ومع ذلك منقطع لان الشعبي لم يدرك عمر. والثاني: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف البتة، فهذا وجه.
والثاني أنهما صحا لما كان فيهما للقياس مدخل بوجه من الوجوه، ولا بمعنى من المعاني، لان السيل لا يستحق ميراثا أصلا، لا سدسا ولا ثلثا وكذلك الغصن، ولا فرق، ومن أنوك النوك أن يظن أحد بمثل علي وزيد رضي الله عنهما.
إن أحدهما قاسم الجد مع الاخوة إلى خمسة وهو سادسهم، ثم له السدس وإن كثروا، وإن الثاني قاسم بالجد الاخوة إلى اثنين هو ثالثهما. لا ينقضه من الثلث ما بقي أو السدس من رأس المال - قياسا على غصنين تفرعا من غصن شجرة، وأن إدخال أصحاب القياس لهذا في القياس في القحة الظاهرة والاستخفاف البادي.
فإن قال قائل: فما وجه هذين الصاحبين لهذين المثلين في هذه المسألة؟
فالجواب، وبالله تعالى التوفيق: إن هذا باطل، بلا شك ونحن نبت أنهم رضي الله عنهم ما قالوا قط شيئا من هذا. ولقد كانوا أرجح عقولا، وأثقب نظرا، وأضبط لكلامهم في الدين، من أن يقولوا شيئا من هذا الاختلاط، ولكن عيسى الخياط وعبد الرحمن بن أبي الزناد غير موثوق بهما، ولعل الشعبي سمعه ممن لا خير فيه، كالحارث الأعور وأمثاله.
ثم لو قال قائل: إن وجه ذلك لو صح بين ظاهر لا خفاء به، وهو أن زيدا وعليا رضي الله عنهما يذهبان من رأيهما، الذي لم يوجباه حتما على أحد، إلى
(١٠٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1016 1017 1018 1019 1020 1021 1022 1023 1024 1025 1026 ... » »»
الفهرست