الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ١٠١٣
زعموا أنها حرام فاجلدهم ثمانين ثمانين، فقد افتروا على الله الكذب، وقد أخبر الله تعالى بحد ما يفتري به بعضنا على بعض.
حدثنا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا محمد بن عبد الله ابن عبد الرحيم البرقي، ثنا سعيد بن عفير، ثنا يحيى بن فليح بن سليمان المدني، عن ثور ابن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشراب كانوا يضربون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والعصي، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا في خلافة أبي بكر أكثر منهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: لو فرضنا لهم حدا، فتوخى نحو ما كانوا يضربون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي، ثم كان عمر فجلدهم كذلك أربعين، حتى أتي برجل من المهاجرين الأولين قد شرب، فأمر به أن يجلد، فقال: لم تجلدني، بيني وبينك كتاب الله؟ فقال عمر: وفي أي كتاب الله تجد ألا أجلدك؟ قال له: إن الله تعالى يقول في كتابه: * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) *، فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد. فقال عمر:
ألا تردون عليه ما يقول؟ فقال ابن عباس: إن هؤلاء الآيات أنزلن عذرا للماضين، وحجة على الباقين، فعذر الماضين بأنهم لقوا الله قبل أن يحرم عليهم الخمر، وحجة على الباقين، لان الله تعالى يقول: * (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان) *، ثم قرأ الأخرى، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا) * فإن الله نهاه أن يشرب الخمر. فقال عمر: صدقت فما ترون؟ فقال علي: إنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة، فأمر به عمر فجلد ثمانين.
(١٠١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1008 1009 1010 1011 1012 1013 1014 1015 1016 1017 1018 ... » »»
الفهرست