الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩٠
وصدق أبو بكر في إيجابه قتال من فرق بين الصلاة والزكاة، لان نص الله تعالى عليهما سواء، وليست إحداهما أصلا والأخرى فرعا فيجب قياس الفرع على الأصل. وهذا تخليط ما شئت منه ولو اتعظوا بهذا القول من أبي بكر، فلم يفرقوا ما ساوى النص بينه، لكان أولى بهم، لكنهم لم يفعلوا، بل قالت طائفة منهم، الزكاة تجزئ إلا بنية، والصلاة لا تجزئ الا بنية والصلاة تلزم العبد، والزكاة لا تلزمه وإن كان ذا مال.
وأما في سائر النصوص فلا يبالون أن يقولوا في بعض النص: هذا مخصوص، وفي بعضه: هذا عموم، وفي بعضه: هذا واجب، وفي بعضه هذا ندب، ومثل هذا لهم كثير.
وقد عارض الصحابة أبا بكر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله.
قال أبو محمد: ونسبوا - رضي الله عنهم - الآية التي ذكرنا آنفا في براءة، وكلهم قد سمعها لأنها في سورة براءة التي قرئت على الناس كلهم في الموسم في حجة أبي بكر سنة تسع.
وفي الجملة أيضا أبو هريرة وابن عمر، وكلاهما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الامر بقتال الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، كما حدثنا ابن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا أبو غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي، ثنا عبد الملك ابن الصباح، عن شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله.
قال مسلم: وحدثنا أمية بن بسطام، ثنا يزيد بن زريع، نا روح، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا
(٩٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 985 986 987 988 989 990 991 992 993 994 995 ... » »»
الفهرست