الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩١
فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله.
قال أبو محمد: فلولا هذه النصوص من القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك الصحابة الحديث الذي تعلقوا به، ولكن ليس كل أحد يحضره في كل حين ذكر كل ما عنده، واحتجوا بإجماع الأمة على استخلاف إمام إذا مات إمام ولا نص على المستخلف.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لان النص قد صح بطاعة أولي الامر منا، وجاءت الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الطاعة للأئمة ولزوم البيعة، وهذا ما يوجب استخلاف إمام إذا مات الامام، فهو نص صحيح على وجوب الاستخلاف لمن يوثق بدينه ويقوم بأمور المسلمين من قريش، نصوصا بينة على وجوب العدل على الامام، والرفق بالرعية، والنصح لهم، فصفات الامام منصوصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة واضحة. فمن كانت فيه تلك الصفات فقد نص على تقديمه وإفراده بالامر ما عدل. كالأمر بالعتق، ولا حاجة بنا إلى تسمية المعتق، وإيجاب الأضحية والنسك، ولا حاجة بنا إلى صفة لونها، وهكذا جمع الشريعة، وليت شعري أي مدخل للقياس في هذا؟ إن هذا الامر كان ينبغي لكل ذي عقل أن يستحي من الاحتجاج بمثله.
واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبي بعدي قالوا لنا فقولوا إنه يكون بعده رسول، لأنه أخبر بأنه لا يكون بعده نبي، ولم يقل لا رسول بعدي.
قال أبو محمد: وهذا جهل مظلم ممكن أتى بهذا، لان هذا من جوامع الكلم التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، فلو قال عليه السلام: لا رسول بعدي، لأمكن أن يقول بعده نبي، لكن إذ قال: لا نبي بعدي فقد صح أنه لا رسول بعده، لان كل رسول فهو نبي بلا شك. ولا سبيل إلى وجود رسول ليس نبيا، فبطل هذا التمويه الضعيف على أن هذا كله لو صح لهم كما ادعوه، ومعاذ الله من ذلك، لما كان من شئ منه دليل على قياس التين على البر، ولا على وجوب القياس في الشرائع، فكيف وكل ما أوتوا به عليهم هو لا لهم، والحمد لله رب العالمين.
وقد حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن، ثنا وهب بن مسرة، ثنا ابن وضاح، حدثنا
(٩٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 986 987 988 989 990 991 992 993 994 995 996 ... » »»
الفهرست