الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩٢
أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس الأودي، عن المختار بن فلفل، عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن النبوة والرسالة قد انقطعت فجزع الناس، فقال: قد بقيت مبشرات، وهن جزء من النبوة.
قال أبو محمد: واحتجوا بأن الحائض إنما أمرت بالتيمم إذ عدمت الماء في السفر قياسا على الجنب.
قال أبو محمد: هذا تمويه ضعيف، ومعاذ الله أن نأمر الحائض بذلك قياسا، بل بالنص، وهو قوله تعالى إذ أمر باعتزال الحيض حتى يطهرن: * (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله) * فأمرهن الله تعالى بالطهور جملة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فالتراب طهور، والماء طهور بالنص، وفسر الاجماع أن التراب لا يستعمل ما دام يوجد الماء لغير المريض، أو من أوجبه له النص، فدخلت الحائض في هذا النص، ولقد كان ينبغي لمن فرق بين الحائض والجنب فيما أباح لها من قراءة القرآن، ومنعه الجنب من ذلك، أن يعلم أنه ترك القياس.
واحتجوا أيضا بإيجاب الزكاة في الجواميس، وأنه إنما وجب ذلك قياسا على البقر. قال أبو محمد: وهذا شغب فاسد، لان الجواميس نوع من أنواع البقر، وقد جاء النص بإيجاب الزكاة في البقر، والزكاة في الجواميس، لأنها بقر، واسم البقر يقع عليها. ولولا ذلك ما وجدت فيها زكاة، وكذلك البخت والمهاري والفوالج، هي أنواع من الإبل، وكذا الضأن والماعز يقع عليها اسم الغنم. وقد قال بعض الناس: البخت ضأن الإبل، والجواميس ضأن البقر، وقد رأينا الحمر المريسية، وحمر الفجالين، وحمر الاعراب المصامدة نوعا واحدا وبينها من الاختلاف أكثر مما بين الجواميس وسائر البقر، وكذلك جميع الأنواع.
واحتجوا بأن الناس قاسوا على ذي الحليفة، وأنهم قاسوا ذات عرق على قرن.
قال أبو محمد: وهذا كذب وباطل، لان الحديث في توقيت ذات عرق لأهل العراق مشهور ثابت مسند لا يجهله من له بصر بالحديث.
حدثنا عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن إسحاق بن السليم القاضي، ومحمد بن معاوية، قال ابن إسحاق، ثنا أبو سعيد الأعرابي، ثنا سليمان بن الأشعث، ثنا هشام بن بهرام،
(٩٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 987 988 989 990 991 992 993 994 995 996 997 ... » »»
الفهرست