الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩٥
سلكوا طريقا فأنا أحب أن أسلكه.
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس، نا عبد الله بن حسين بن عقال، نا إبراهيم بن محمد الدينوري، نا ابن أجهم، نا معاذ بن المثنى، نا مسدد، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض ابن سعد قال: ذكرت لأبي سعيد الخدري صدقة الفطر، فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاع زبيب أو صاع أقط، فقلت له: أو مدين من قمح؟ قال: لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها، ولا أعمل بها.
قال أبو محمد: أفيكون أعجب ممن يدعى الاجماع على قول يقول به ابن عمر أن الصحابة على خلاف ذلك الاجماع كما ذكرنا، وإنه لا يخرج البر أصلا اتباعا لطريق أصحابه ثم يقول أبو سعيد: تلك قيمة معاوية، لا أقبلها ولا أعمل بها فأين الاجماع لولا الجنون وقلة الدين.
ومن طرائف الدهر قول الطحاوي ههنا: إنما أنكر أبو سعيد المقوم لا القيمة فيكون أعجب من هذه المهاجرة وهو يذكر أنه قال أبو سعيد - وقد ذكر القيمة - لا أقبلها ولا أعمل بها، فهل ضمير المؤنث راجع إلى القيمة؟ وهذا ما لا يشك فيه ذو بصر بشئ من مخاطبات الناس، ولكن الهوى يعمي ويصم.
حدثنا أحمد بن عمر العذري، ثنا عبد الله بن حسين بن عقال، ثنا إبراهيم بن محمد الدينوري، ثنا محمد بن أحمد بن الجهم، ثنا موسى بن إسحاق الأنصاري، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة أم المؤمنين قالت: كان الناس يعطون زكاة رمضان نصف صاع، فأما إذا وسع الله تعالى على الناس فإني أرى أن يتصدق بصاع.
فصح بما ذكرنا أن قول ابن عمر وعائشة فعدل الناس بذلك مدين من بر إنما هو على الانكار لفعل من فعل ذلك وبرهان هذا ثبات ابن عمر وعائشة على صاع صاع، لا على ما ذكروا من عمل الناس، فلو كان عمل الناس عندهما حقا لما وسعهما خلافه، فبطل تمويههم، وبالله تعالى التوفيق.
مع أن عائشة لم تقل نصف صاع من بر، ولعلها عنت من لا يجد أكثر من
(٩٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 990 991 992 993 994 995 996 997 998 999 1000 ... » »»
الفهرست