الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٩٣
وقال ابن معاوية: ثنا أحمد بن شعيب، أخبرني محمد بن عبد الله عمار، ثنا أبو هاشم محمد بن علي، قال بهرام: ثنا المعافى بن عمران، وقال أبو هاشم: عن المعافى بن عمران، ثم اتفقا: عن أفلح بن حميد، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق.
قال أبو محمد: هشام بن بهرام ثقة، والمعافى ثقة جليل، وأفلح بن حميد كذلك، وأما قياسهم على ذي الحليفة فهذيان لا يدرى ما هو؟ ولا ماذا قيس عليه؟
والمواقيت مختلفة، فمنها ذو الحليفة على عشر ليال، ومنها الجحفة على ثلاث ليال، ومنها قرن على أكثر من ليلة، ومنها يلملم على ليلة، فعلى أي هذا يقاس؟ إن هذا لأمر لا يفهمه إلا ذو لب؟.
واحتجوا بما روي من قول ابن عمر: فعدل الناس بصاع من شعير مدين من بر.
قال أبو محمد: وهذا من طرائف ما احتجوا به لان المحتج بهذا إن كان مالكيا أو شافعيا فهو مخالف لهذا الاجماع عنده، ومن أقر على نفسه بأنه مخالف للاجماع فأقل ما عليه اعترافه بأنه مخالف للحق، ثابت على الباطل غير تائب عنه، وهذا فسق مجرد.
ومن أعجب العجب احتجاج المرء بما لا يراه حجة ولكن هذا غير بديع منهم فهذا أبو حنيفة يحتج أن الخيار لا يكون إلا ثلاثة أيام لا أكثر، بحديث المصراة، فإذا قيل له فهذا الذي تحتج به أتأخذ به؟ قال: لا.
وهذا مالك احتج في تضمين القائد والسائق ما تجنيه الدابة المسوقة والمقودة، بأن عمر غرم بني سعد بن ليث نصف دية رجل من جهينة، أصاب أصبعه رجل من بني سعد بن ليث، كان يجري فرسه فمات الجهني، فإذا سئل أتبدي المدعى عليهم في هذا المكان كما فعل عمر؟ قال: لا يجوز ذلك، وإذا قيل له: أتغرم المدعى عليهم بغير أن يحلف المدعون كما فعل عمر في هذا المكان؟ قال: لا يجوز ذلك، وإذا قيل له: أتقتصر في هذا المكان على نصف الدية كما فعل عمر؟ قال: لا يجوز ذلك، وإذا قيل له: أتجعل ما جنى الذي يجري فرسه على عاقلته في هذا المكان كما فعل عمر؟
(٩٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 988 989 990 991 992 993 994 995 996 997 998 ... » »»
الفهرست