الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٨٨
منصوص بين في القرآن والسنة، فمن قائل: ليس عليه العمل، ومن قائل: هذا تلقى بخلاف ظاهره، ومن قائل: هذا خصوص، ومن قائل: هذا منسوخ. ومن قائل: هذا تأويل، وكل هذا منهم بلا دليل في أكثر دعواهم كاختلافهم في وجوب الوصية لمن لا يرث من الأقارب والاشهاد في البيع، وإيجاب الكتابة، وقسمة الخمس، وقسمة الصدقات وممن تؤخذ الجزية، والقراءات في الصلوات والتكبير فيها، والاعتدال، والنيات في الأعمال والصوم، ومقدار الزكاة وما يؤخذ فيها المتعة في الحج، والقرآن والفسخ، وسائر ما اختلف الناس فيه، وكل ذلك منصوص في القرآن والصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعلى هذا وعلى النسيان للنص كان اختلاف من اختلف في خلافة أبي بكر.
وأما الأنصار فإنهم لما ذكروا، وكان قبل ذلك قد نسوا، حتى قال قائلهم: منا أمير ومنكم أمير، ودعا بعضهم إلى المداولة، وبرهان ما قلنا أن عبادة بن الصامت الأنصاري روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الأنصار بايعوه على ألا ينازعوا الامر أهله، وأنس بن مالك الأنصاري روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الأئمة من قريش.
فبهذا ونحوه رجعت الأنصار عن رأيهم، ولا ذلك ما رجعوا إلى رأي غيرهم، ومعاذ الله أن يكون رأي المهاجرين أولى من رأي الأنصار، بل النظر والتدبير بينهم سواء، وكلهم فاضل سابق. وقد قال عمر يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم:
والله ما مات رسول الله، وهو يحفظ قول الله عز وجل: * (إنك ميت وإنهم ميتون) * فلما ذكر بها خر مغشيا عليه، وهكذا عرض للأنصار.
وقد روينا ذلك نصا. كما حدثنا عبد الله بن ربيع، نا عبد الله بن محمد بن عثمان الأسدي، نا أحمد بن خالد، نا علي بن عبد العزيز، نا الحجاج بن المنهال، ثنا أبو عوانة، عن داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري - فذكر حديث وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: فقال رجال أدركناهم - فذكر باقي الحديث - وفيه، أن أبا بكر قال: وقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: إن الأئمة من قريش، والناس برهم تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم قال: صدقت أو قال: نعم.
(٩٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 983 984 985 986 987 988 989 990 991 992 993 ... » »»
الفهرست