الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٨٣
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كانوا أرادوا ذلك أنه خليفة على الصلاة، لكان أبو بكر مستحقا لهذا الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والأمة كلها مجمعة على أنه لم يستحق أبو بكر هذا الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه إنما استحقه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ولي خلافته على الحقيقة.
وأيضا: فلو كان المراد بتسميتهم إياه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة، لا على الأمة لما كان بهذا الاسم في ذلك الوقت أولى من أبي زهم وابن أم مكتوم وعلي، فكل هؤلاء فقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، ولا من عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، وقد استخلفه صلى الله عليه وسلم على مكة، ولا من عثمان بن أبي العاص الثقفي، فقد استخلفه صلى الله عليه وسلم على الطائف، ولا من خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس فقد استخلفه عليه السلام على صنعاء. فلما اتفقت الأمة كلها على أنه لا يسمى أحد ممن ذكرنا خليفة رسول الله لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعد موته يسمى بذلك علي إذ ولي الخلافة، علمنا ضرورة أنه سمي أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه استخلفه على الخلافة التامة بعد موته في ولاية جميع أمور الأمة وهذا بين. وبالله تعالى التوفيق.
ومعنى خليفة فعيلة من مخلوف وهذا الهاء للمبالغة، كقولك عقير وعقيرة منقول عن معقورة، فهذا قول.
والقول الثاني: أنه إنما قدمه المسلمون لأنه كان أفضلهم، وحكم الإمامة أن يكون في الأفضل.
واحتجوا بامتناع الأنصار في أول الامر، وبقول عمر: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني، وإن لا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني، يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
(٩٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 978 979 980 981 982 983 984 985 986 987 988 ... » »»
الفهرست