الاحكام - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٩٨٢
وحراما حلالا معا وحقا باطلا معا، وتخليطا فاسدا. وهذا أبين من أن يغلط فيه من له حس، وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا بإجماع الأمة على تقديم أبي بكر إلى الخلافة، وأن ذلك قياس على تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له إلى الصلاة، وأن عمر قال للأنصار: ارضوا لإمامتكم من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاتكم وهي عظم دينكم.
قال أبو محمد: وهذا من الباطل الذي لا يحل، ولو لم يكن في تقديم أبي بكر حجة إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف عليا على المدينة في غزوة تبوك.
وهي آخر غزواته عليه السلام. فقياس الاستخلاف على الاستخلاف اللذين يدخل فيهما الصلاة والاحكام أولى من قياس الاستخلاف على الصلاة وحدها.
فإن قالوا: إن استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر هو آخر فعله.
قيل لهم وبالله تعالى التوفيق، إن عليا لم ينحط فضله بعد أن استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة تبوك. بل زاد خيرا بلا شك. فلم يكن استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الصلاة لأجل نقيصة حدثت في علي، لم تكن فيه إذ استخلفه على تبوك. كما لم يكن استخلافه عليه السلام عليا على المدينة في عام تبوك لأنه كان أفضل من أبي بكر، فليس استخلاف أبي بكر على الصلاة حاطا لعلي.
وإنما العلماء في خلافة أبي بكر على قولين: أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نص عليه، وولاه خلافته على الأمة وأقامه بعد موته مقامه صلى الله عليه وسلم في النظر عليه ولها، وجعله أميرا على جميع المؤمنين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. وهذا هو قولنا الذي ندين الله تعالى به. ونلقاه إن شاء الله تعالى - عليه مقرونا منا بشهادة التوحيد.
وحجتنا الواضحة في ذلك إجماع الأمة حينئذ جميعا على أن سموه خليفة
(٩٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 977 978 979 980 981 982 983 984 985 986 987 ... » »»
الفهرست