، منافعها عرفا، فلا مخالفة فيها للقاعدة أصلا.
ومجمل (1) الكلام أن المنفعة لا تكال بمكيال منضبط، بل تدور مدار العرف.
فإن قلت: لا ريب أن الثمرة بالنسبة إلى البستان أيضا تعد منفعة، والصوف والحليب بل السخال أيضا تعد منافع للغنم، فينبغي أن يجوز استئجار الغنم لذلك، مع أنه لا يجوز.
قلت: بعد تسليم عدم الجواز أن العرف يفرق بين ما ذكرت وبين ما نحن فيه، إذ الثمرة لها وجود مستقل ومالية مستقلة، فإن الميزان في ذلك هو العرف، ولا ريب أن ماء البئر والحمام لا يعد ملكا على حدة، بخلاف ثمرة البستان ونحوها.
وبالجملة: فلا مانع من إرجاع المنفعة إلى العرف، وجعل كل ذلك من باب المنافع التي تتعلق بها الإجارة.
ورابعها: أن يقال: إن المنفعة المقصودة في هذه المقامات إنما هي المنفعة المصطلحة عند الفقهاء: من الخدمة في المرضعة، والاستقاء في البئر، ودوران الأغنام في الأرض والدخول والخروج، والكون في الحمام، وليس المقصود في ذلك الأعيان، بل هذه الأعيان كلها توابع - كما سنذكرها في توابع متعلقات العقود - فإن التوابع لا عبرة بها، كماء البئر في إجارة الدار للسكنى، فإن الدار المستأجرة للسكنى لا يراد منها إلا هذه المنفعة، لكن يستعمل الماء من باب التبعية، كما أن الكش (2) في الاستئجار للتلقيح والمداد للكتابة ونحو ذلك، فيجعل جميع الأعيان التابعة في هذا المقام من قبيل التوابع اللاحقة.
والتحقيق: أن جعل هذه المعاملات من باب العقد المستقل غير ظاهر وإن أمكن، خصوصا الرضاع، فإن الفقهاء ذكروه في باب الإجارة. وصحة استئجار البئر للاستقاء والأرض للرعي ممنوع وإن ذكره الشهيد الثاني (3) وإن أمكن أن يقال بصحته عقدا مستقلا للسيرة، لكن ذكر الرضاع في الكتاب بطريق الإجارة