تركب المقصود، وهذا المعنى هو الذي يقتضيه النظر الصحيح.
إذا عرفت هذا فنقول: أصل العقود قد ثبت صحتها بما دل عليها من عموم وجوب (1) الوفاء، وكذا لزومها على حسب ما قررناه.
وأما الشروط: فلا ريب أنها خارجة عن اسم العقد، وإنما هو أمر لاحق يربطه العاقد بالعقد ويقصدهما معا على نحو التركيب، فيحتاج في إثبات صحة هذا الربط ولزومه إلى دليل، والوجه في ذلك أمور:
أحدها: ظهور الإجماع من الأصحاب على صحة الشرط في ضمن العقد، إلا فيما نذكره من الشروط الأربعة الباطلة، فإنهم في سائر المقامات يحكمون بصحة الشروط ولزومها من دون نكير منهم في ذلك، كما لا يخفى على من راجع كلامهم.
وثانيها: الاجماعات المحكية على ذلك حد الاستفاضة.
وثالثها: ما ذكرناه في إثبات صحة العقود من: أن المعاملات ليست مبنية على التعبد والاختراع، وإنما هي أمور مجعولة عند العقلاء على نحو يتم به النظام والشارع قررهم على ذلك، فكل معاملة شائعة بين الناس يحكم بصحتها لكشفه عن تقرير الشارع إلا ما ورد المنع عنه. فنقول: لو كان ورد من الشرع منع عن أخذ الشروط في ضمن العقود بهذا العنوان لاشتهر وتواتر كسائر المعاملات الفاسدة، لعموم البلوى وشدة الحاجة، مع أنه قد انعكس الأمر، وهذا يكشف عن رضا الشارع به، وهو المدعى.
ورابعها: أن ما دل على لزوم الوفاء بالعقود يدل على صحة الشرط الواقع في ضمن العقد.
إما لأن ذلك كالجزء من العقد والقيد منه، فإذا وقع الارتباط بينه وبين العقد في قصد المتعاقدين فالوفاء بالعقد يقتضي الوفاء به، لأنه من كيفيات العقد، ولا فرق بين ما اعتبر في الأركان أو لوحظ من الخارج، بل هذا في الحقيقة يرجع إلى صفة في أركان العقد، فيكون المبيع الفرس المرتبط بكذا والثمن السيف المرتبط