والشبهة في عدم العلية المستفادة من الرواية أو عدم حجيتها ضعيفة.
وثانيهما: ما روي عن العلامة رحمه الله في المختلف أنه ذكر الرواية بقوله: (نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر) (1) ولم يذكر لفظ (البيع) فيكون المنع عن الغرر عاما، فيعم سائر العقود، وإن كان يحتمل السقط أو المسامحة في النقل وكون الرواية واحدة.
لكن الأصل خلاف ذلك. وبهذا المقدار يمكن التمسك به في سائر العقود، مع الجبر بفتوى الأصحاب، كما ذكرناه.
مضافا إلى أنه يمكن أن يقال: إن المدار في صحة العقود - كما ذكرناه في أصالة الصحة (2) - ليس إلا شمول العمومات لها، ويمكن القول بأن العمومات والاطلاقات كلها منصبة على ما هو المتعارف بين الناس، ولا ريب أن الغرر مما لا يقدم عليه العقلاء، وليس من المعاملات المتعارفة، فلا تنصرف إليه الأدلة، فيكون باقيا تحت أصالة الفساد الأولى ولا يكون له دليل صحة حتى نحتاج في الإخراج إلى تأسيس قاعدة الغرر بالنص والإجماع.
مضافا إلى أن الظاهر من طريقة الشرع: أن بناءه على قطع التشاجر والتجاذب بين الناس، ولا ريب أن الغرر مما يوجب التشاجر، فطريقة الحكمة قاضية بسد هذا الباب حسما لمادة النزاع، ونظائر ذلك كثيرة. وسيرة المسلمين في الأعصار والأمصار عن التجنب عما فيه الخطر والغرر كاشفة عن ذلك، بل هي دليل برأسه وحجة بانفراده (3).
فالذي تلخص من ذلك: أن الغرر مفسد في المعاملات كلها ما لم يكن هناك دليل مصحح خاص، وهذا النوع خارج عن عمومات الصحة بطريق التخصيص أو بطريق التخصص. وثانيها (4): إنه قد حكي عن الأزهري: أن بيع الغرر ما كان على غير عهدة ولا