وبقي هنا بحث:
وهو: أن حجر السفيه هل يزول بإذن الولي أو إجازته؟ بمعنى: أن الولي رضي (1) بتصرفاته قبل وقوعها أو بعدها، فهل تقع صحيحة كما في حجر العبد - على ما يجئ - فإن بعد إذن المولى لا مانع عنه، أوليس كذلك، بل هو كحجر الصبي والمجنون الذي لا ينفع فيه إذن الولي؟
وقد أشار إلى هذين الاحتمالين الشهيد رحمه الله في القواعد وفرع عليهما البطلان والصحة مع إذن الولي (2). ومنشأ ذلك ملاحظة أدلة الحجر، فإن كان أدلة الحجر فيها عموم أو إطلاق بحيث تصير القاعدة الحجر مطلقا بحسب ظاهر الدليل، فتصير المسألة من باب الشك في أن الحجر هل يرتفع بإذن الولي أم لا؟ ولا ريب أن قضية الأصل بقاء الحجر وعدم ارتفاعه حيث لا دليل عليه. وإن كان أدلة الحجر مجملة من هذه الجهة فتصير القاعدة عدم الحجر، لعموم تسلط الناس على أموالهم. غاية ما دل عليه أدلة الحجر إنما هو في صورة عدم إذن الولي، وأما مع إذنه فلم يثبت الحجر، لأن الحجر يرتفع بالأذن، فيصير الأذن وعدمه من مشخصات موضوع الحجر.
لا يقال: إنه على فرض عدم العموم في دليل الحجر أيضا نقول بالحجر، لأنا نفرض سفيها غير مأذون فيكون محجورا، ثم نفرض طريان الأذن عليه فيصير شكا في زوال الحجر السابق وإن لم نعلم ثبوت حجر على هذا الفرض، ولا يمكن منع الاستصحاب هنا بتغير الموضوع، إذ لا شبهة في عدم كون الأذن مغيرا لموضوع السفيه. كما أنه لا يمكن القول بأن الدليل قد قضى بعدم الحجر، لأن أدلة حجر السفيه ولو اختصت بصورة عدم الأذن، لكنه انصراف إطلاق لو كان، لا أنه تقييد بشرط أو وصف أو غاية حتى يدل بعد الأذن على التسلط فينافي الاستصحاب، فتصير الحالة اللاحقة موجبة للشك في البقاء ويستصحب. وإذا ثبت