ومنها: عدم ضمان مال الغاصب المصروف في المغصوب - كالنفقة وغيرها - وإن زاد به المغصوب زيادة متصلة ووصل إلى يد المالك، لأقدامه على إتلاف مال نفسه.
وكذا كل باغ وعاد وظالم وسارق وغاصب - ونحو ذلك - بالنسبة إلى ما يترتب إلى أعمالهم من الغرامات وإتلافات النفوس والأطراف كلها إنما هو بإقدامهم على ذلك بأعمالهم الشنيعة، وإلا فدم المسلم وماله وعمله وعرضه محترم ما لم يسقط احترامه.
ومن هذا الباب: عدم ضمان الأموال التي يعرض عنها صاحبها، فإن مسألة الأعراض معروفة عندهم يذكرونها في كتاب الصيد، والكلام في ذلك طويل يحتاج إلى عقد باب وتأسيس كتاب.
وبالجملة: فهو أيضا داخل في الأقدام، فإن المالك بإعراضه قد أقدم على عدم العوض (1) وصار مباحا لكل من أخذ، وفي خروجه عن ملكه بذلك قولان معروفان.
وأنت إذا تتبعت كلمة الأصحاب تطلع على موارد كثيرة لقاعدة الأقدام غير ما أشرنا إليها على الاستعجال.
وبقي الكلام في قولهم: (ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده) وقد بينا المراد منه في بحث القبض بالعقد الفاسد، ووعدناك سابقا ذكر وجه عدم الضمان في هذا الباب.
فنقول: العقد الذي لا يضمن بصحيحه: إن كان من الأمانات - كالوديعة - فيمكن أن يقال: إن في فاسده أيضا كذلك، فإن القبض لمصلحة المالك، فيجئ فيه الوجوه السابقة في عدم الضمان، ولا فرق بين الصحيح والفاسد في ذلك. ولكن هذا الكلام لا يجري في الكل، فإن الهبة والوقف والسكنى والتحبيس والعارية والشركة والمضاربة والمزارعة والمساقاة والوكالة - ونحو ذلك - لا يمكن أن