في الآية لكانوا تحت البعض المولى عليه، وخروج البعض الذي ليس بولي ولا مولى عليه غير قادح، لكمال ندرة هذا الفرد. وليس غرضنا من الآية إثبات خصوص ولاية العدالة (1) بل الولاية مطلقا، فإن ثبت له (2) خصوصية اتبعت، وإلا بقي على إطلاق ولاية العدل (3).
وثانيا: أن كون الخارج مما لا يعتنى بشأنه لسفه أو ضعف أو فسق - أو نحو ذلك - وكونه لا يعد في جنب العدول موجودا فضلا عن كونه أكثر، لا قبح في ذلك لو كان من باب التخصيص، وقبح تخصيص الأكثر إنما هو للاستهجان العرفي وهو تابع للمقامات والاعتبارات، كما لا يخفى على المتتبع.
لا يقال: إنها مجملة في متعلق الولاية، ولم يبين فيها أن ولايتهم على المال أو على شئ آخر.
لأنا نقول: المتبادر من إطلاق الولاية: ولي المال والنفس، فإذا قيل: (فلان ولي فلان) يستفاد منه أن أمره في ماله ونفسه بيده كما هو المتعارف، فتدبر.
وبهذه الآية استدل الأصحاب على ولاية العدول في كل باب وتلقوه بالقبول، وهو أقوى جابر للدلالة مع قطع النظر عن التخريجات اللفظية والاحتمالات العرفية، فمقتضى ظاهر الآية - المؤيدة بخبر باب الوصية المعتضد بالفتوى - كون مقتضى القاعدة: أن كل ما كان الحاكم وليا فيه إذا فقد أو تعذر فالولاية للعدول.
ولا يعتبر فيه التعدد، لإطلاق البعض في الآية الشامل للواحد، وصريح خبر الوصية، فإنه جعل الولاية للثقة، فما يوهمه بعض عبائر الأصحاب من اعتبار التعدد لتعبيرهم بلفظ (العدول) ليس مرادا جزما.
ولو اقتصر في ولايتهم على صورة تعذر الحاكم وعدم إمكان تأخير التصرف إلى زمن التمكن من الحاكم أو أمينه حتى يكون مندرجا تحت أدلة الحسبة والمعاونة - مضافا إلى ظاهر الآية والخبر - لكان أحوط في النظر وأقرب إلى التقوى.
ولكن المختار: أن مع تعذر الحاكم فالأصل ولاية العادل في كل ما للحاكم عليه ولاية، إلا ما أخرجه الدليل، كالقضاء والأحلاف ونحو ذلك.