ومنها: ما ذكره الشهيد الثاني في كتاب الزكاة من الروضة من استئجار الأرض للرعي (1) وذكر أنه من باب السوم دون العلف، فلا يفقد به شرط وجوب الزكاة.
ومنها: استئجار البئر للسقي فإنه يستفاد صحته من بعض العبائر، مع أنه لا ينطبق على مقتضى الإجارة، ونظائر ذلك مما لا يخفى على المتتبع.
والوجوه المتخيلة في أمثال ذلك أمور:
أحدها: أن يكون كل ذلك معاملة مستقلة غير داخلة في عنوان الإجارة قد ثبت صحتها بالإجماع أو السيرة المستمرة الكاشفة عن تقرير المعصوم، وليس من هذا الباب (2) حتى يورد به الإشكال على المقام.
وثانيها: أن يكون من باب الإجارة لكنها خرجت عن القاعدة بالدليل، وسر مشروعية أمثال ذلك - وإن كانت على خلاف القاعدة - توفر الدواعي ومسيس الحاجة ولزوم العسر والحرج لو لم يكن ذلك مشروعا.
وثالثها: أن يقال: إن الإجارة موضوعة لتمليك المنافع، والمنفعة أمر عرفي لا ضابط لها شرعا حتى تختص بما يقابل العين، ويكون معناها: مجرد الأمر الحكمي الانتزاعي كالسكنى والركوب، بل منفعة كل شئ إنما هو بحسبه، والمدار على ما يعد في العرف منفعة، ولا ريب أن اللبن منفعة للمرضعة كالخدمة والحضانة، والماء منفعة للبئر والحمام، والعلف منفعة للأرض، ونحو ذلك، وإن كانت كل من هذه المنافع أعيانا لو لوحظت بأنفسها، لكن باعتبار نسبتها إلى موضوعاتها تعد منافع في العرف، فلم يخرج عن قاعدة الإجارة، بل هي باقية على وضعها من كونها ناقلة للمنفعة دون العين والمراد بالعين: ما قصد بذاته واستقل في اللحاظ، ولا ريب في هذه الفروض [أن] (3) ليس العين المستأجرة إلا البئر والحمام والمرضعة والأرض، وهي باقية على حالها لم يتلف منها شئ، والتالف إنما هو