كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٦٢٢
مدلول الروايات الدالة على المعيار في الخروج عن البلد وكيف كان فالمهم هنا التكلم في أمور:
أحدها ان الاخبار التي أشرنا إليها تدل على اعتبار عدم سماع اذان المصر الا صحيحة محمد بن مسلم فإنها تدل على اعتبار التواري من البيوت وقد عبروا عن هذا المضمون بخفاء جدران البلد عن المسافر واشكل ذلك بان خفاء الجدران أخص من خفاء الاذان غالبا بل دائما فلا يمكن الجمع بين الدليلين بالاكتفاء بأحد الامرين كما هو مقتضى الشرطيتين اللتين يخالف منطوق كل منهما مفهوم الأخرى من تخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الأخرى كما هو الأظهر في أمثال ذلك فان ذلك انما هو في مورد يكون بين السببين عموم من وجه ولكن في مثل المقام الذي فرضنا كون خفاء الجدران أخص فيلغوا السبب الأخص عن التأثير دائما مضافا إلى أن المقام ليس من ذلك من جهة أخرى وهي ان الموجب للترخيص امر واحد وهو البعد الخاص من البلد فلا يحسن هذا الجمع الدلالي ولو فرضنا ان بين الخفائين عموما من وجه و الذي يخطر بالبال ان صحيح ابن مسلم جعل المعيار خفاء الشخص عن البيوت لاخفاء البيوت عنه كما فهمه المشهور وبينهما فرق واضح إذ توارى الانسان من البيوت أي من أهلها يحصل بمقدار من البعد الذي يخفى عليه الاذان غالبا فهما أعني توارى الشخص عن البيوت وخفاء الاذان انما جعل كل منهما امارة لبعد واحد.
فان قلت لو حصل أحدهما دون الاخر فلا يمكن الاخذ بما يدل على الترخيص في القصر فان المفروض ان كل واحد منهما جعل امارة للبعد الخاص وليس كل واحد سببا حتى يكتفى بأحد هما وان لم يوجد الاخر فلابد من معاملة التعارض.
قلت كل من خفاء الاذان والتواري عن البيوت يحمل على التوسط إذ قد يكون لا يسمع الاذان لضعف في حاسته أو في صوت المؤذن ونظير ذلك في التواري عن البيوت ولا شك في أن التوسط لم مراتب والظاهر في أمثال المقام الاكتفاء بأول المرتبة فإذا اختفى الاذان ولم يتحقق التواري عن البيوت وفرضنا ان خفاء الاذان لا يكون الا بالحاسة المتوسطة والصوت المتوسط يستكشف ان عدم التواري
(٦٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 627 ... » »»
الفهرست