مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٦٤
في تشكيلة الآراء والحكم الأخرى، لأنها تربط ربطا دقيقا بين ضغط المال من أجل المراكمة وزيادة الثراء، وبين الاستئثار التملكي المتفاقم، الذي تتضخم فيه الأثرة، ويضيع الايثار.
وما أراده علي بن أبي طالب في قوله: فما جاع فقير إلا بما متع به غني إيجاد رابطة عدل وشراكة في الحق، لأن المال مال الله والعيال عيال الله بالنتيجة، وكل مال ليس محمودا إذا لم يكن فيه حق للفقير والمحتاج والمحروم والسائل.
ولا يتوقف الشريف الرضي عن الاعلان بان الفقر ليس عيبا، وإنما العار في المال غير المحمود.
فيقول:
ما الفقر عار وإن كشفت عورته * وإنما العار مال غير محمود ويكرر الشريف الرضي قناعته بان المال وجد للسخاء والجود، وأن الشجاعة التي لا تعني غير الجود بالنفس ترتبط بصفة الجود بالمال، وبذلك يتحلى المرء بأحسن الصفات وأجملها.
وهو يقول:
لقد عاف أمواله من يجود * وقد طلق النفس من يشجع وهو يدين الشخص الثري الذي لا يجود:
وجدوا وما جادوا ومحتقب * للوم من أثرى ولم يجد ويستوحي الشاعر من حكمة علي بن أبي طالب القائلة:
لكل امرئ في ماله شريكان: الوارث والحوادث، ما يتوصل به إلى إدانة جمع المال خارج الشرط الإنساني الصحيح، فالمال وسيلة وليس غاية، أو صنما يسجد له الإنسان ويخدمه، وهو يرتبط بحق الإنسان في العمل، وبحريته، وبحق الرزق المكفول من الله تعالى لابن آدم، فيقول:
وما جمعي الأموال إلا غنيمة * لمن عاش بعدي واتهام لرازقي وما يمنع الشرفاء والكرام من جمع المال إلا التعفف، والحق، فإذا جاءت الأموال بين أيديهم، فإنهم يخرجون سلطانها من أفئدتهم، ويجرون تصريفها بما فيه الخير والفائدة. وهم يعلمون خطر المال أكثر من سواهم، مهتدين بكلمة علي بن أبي طالب: المال مادة الشهوات، لكن سلطانه بعيد الشأو، وكما قال الرضي:
قد يبلغ الرجل الجبان بماله * ما ليس يبلغه الشجاع المعدم لا تخدعن عنه فرب ضريبة * ينبو الحسام بها ويمضي الدرهم ولا تغيب عن الشاعر الحكمة التليدة:
إذا قل مالي قل صحبي وإن نما * فلي من جميع الناس أهل ومرحب وخاتمة الأمر إن ذم المال لا يعني امتداح الفقر، فالفقر هو الموت الأكبر والفقر في الوطن غربة.
وإنما يعني رفض توثين المال وحسبانه غاية الغايات، فما هو إلا وسيلة، وأداة، تصليح إن وضعت في موضع خدمة الناس، وتفسد إن وضعت في موضع إذلال الناس، وخلق العداوات، وتأجيج الإحن والمحن.
الغربة الاجتماعية غربة الناس أولا تحسب الغربة الاجتماعية وجها مباشرا من وجوه الاغتراب السياسي، لأنها تتصل اتصالا وثيقا بالظروف السياسية، وتقلبات الأحداث، ومصائر الأشخاص الفعالين في جهاز الدولة أو في صفوف المجتمع. وتسهم العوامل الموضوعية، والنفسية، في إبراز الجوانب الاجتماعية للظاهرة السياسية، والوجوه السياسية للظاهرة الاجتماعية.
وفي جميع الحالات المتغيرة، تكون الوضعيات والعلاقات الاجتماعية، من نتائج الأمر السياسي، ولكنها في الوقت ذاته تصبح من أسبابه، وعوامله المحركة، سلبا أو إيجابا.
وتتعرض سيكولوجية الجماعات إلى تغييرات مهمة، تبعا لنوع المراحل السياسية التي تجتازها، وكذلك، تبعا لمدى جثوم التاريخ القريب على زمنها لمدة أطول أو أقصر. لأن اعتياد الجماعة البشرية على العيش في ظل مرحلة معينة لفترة طويلة، بالقوة أو بإرادتها يؤدي إلى تعودها على صفات جماعية، أو شبه جماعية، قد لا تكون من خصائصها الثابتة، وإن كانت بالنتيجة تقرب منها.
وتختلف الجماعات البشرية فيما بينها من الناحية السيكولوجية، وكذلك تختلف الجماعة البشرية الواحدة في ما يسمى ب السمات والخصائص باختلاف مراحلها التاريخية، حيث لا توجد سمات وخصائص نهائية، وأبدية. وأن قانون التفاعل لا يسمح بوجود خصائص مطلقة. لكن بعض الخصائص النسبية تبدو وكأنها خصائص مطلقة من طول استمراريتها.
ومن هنا يقال في بعض التحليلات السياسية والانطباعات الثقافية عن بعض المجتمعات والشعوب إنها غافلة، أو كسولة، وعن بعضها الآخر إنها متمردة، وثابة.
وأول خذلان فاجا الشريف الرضي، هو خذلان العوام، الذين ورد ذكرهم في شعره باسم الناس. إنهم أصلا مستلبون، وهم في حالتهم تلك غير قادرين على إعانة بطل متقحم في كفاحه العادل. وتبلغ الغرابة مبلغا مدهشا، في سيكولوجية الجماعات، إنها أي الجماعات تندفع أحيانا بهوجائية عمياء ضد أبنائها ومفكريها وأبطالها، استجابة لأوامر سياسية صادرة عن السلطة، فتنكل بهم، ثم تندم متأخرا.
يمكن أن نعثر على مثل هذا السلوك، في مراحل عديدة من أزمنة الانحطاط في التاريخ العربي، بعد أن عفا الزمن على عصر الازدهار العربي الاسلامي.
فأول غربة، واغتراب، بالمعنى الاجتماعي، عند ما وجد الشريف الرضي انعدام الناصر بالدلالة الاجتماعية.
من هنا، وربما أكثر من ذلك، كانت أعماقه تنز بمرارة الخذلان، وقصيدته التي أشرنا إليها سابقا والتي قال فيها: إذا عربي لم يكن مثل سيفه، كانت على نقيض عادة الشعراء في اختيار مقدمة القصيدة في النسيب، والتشبيب، وذكر الطلول، أو في مداخل أخرى، بدأت بتقرير
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370