مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٤٩
الولد اثني عشر ولدا، ولي الأمر منه بعده أكبرهم محمد (1).
إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي ع.
مرت ترجمته في الصفحة 230 من المجلد الثالث وننشر عنه هنا دراسة ثانية:
إدريس ممن شهد مجزرة فخ (2) فيمن شهدها من العلويين كما شهدها أخوه يحيى. وقد سلمهما الله فنجيا، فاما يحيى فإنه فر إلى الشرق حتى بلغ بلاد الديلم ودعا الناس فبايعوه فجهز إليه الرشيد جيشا بقيادة الفضل بن يحيى البرمكي، فكاتبه الفضل وبذل له الأمان فأجاب إلى السلم ولكنه طلب يمين الرشيد وأن يكون بخطه ويشهد فيه الأكابر، ففعل ذلك وحضر يحيى إلى بغداد فأكرمه الرشيد ثم حبسه حتى مات في السجن وفي ذلك يقول أبو فراس الحمداني:
يا جاهدا في مساويهم * يكتمها غدر الرشيد بيحيى كيف ينكتم.
وأما إدريس فإنه فر ولحق بمصر، وعلى بريدها واضح مولى صالح بن المنصور، وكان واضح يتشيع لآل البيت، فعلم شان إدريس وأتاه إلى الموضع الذي كان مستخفيا فيه ولم ير شيئا أخلص له من أن يحمله على البريد إلى المغرب ففعل، ولحق إدريس بالمغرب الأقصى هو ومولاه راشد فنزل بمدينة وليلى سنة 172، وبها يومئذ إسحاق بن محمد بن عبد الحميد أمير أوربة من البربر البرانس، فأجاره وأكرمه وجمع البربر على القيام بدعوته، وخلع الطاعة العباسية، فانتهى الخبر إلى الرشيد بما فعله واضح في شان إدريس فقتله وقال ابن أبي زرع في كتاب القرطاس: إن إدريس لما قتلت عشيرته بفخ مر بنفسه متسترا في البلاد يريد المغرب فسار من مكة حتى وصل إلى مصر ومعه مولى له اسمه راشد فدخلها والعامل يومئذ لبني العباس هو علي بن سليمان الهاشمي فبينما إدريس وراشد يمشيان في شوارع مصر إذ مرا بدار حسنة البناء فوقفا يتأملانها، وإذا بصاحب الدار قد خرج فسلم عليهما وقال: ما الذي تنظرانه من هذه الدار فقال راشد: أعجبنا حسن بنائها قال: وأظنكما غريبين ليسا من هذه البلاد فقال راشد: جعلت فداك إن الأمر كما ذكرت قال: فمن أي الأقاليم أنتما قال راشد: من الحجاز. قال: فمن أي بلاده؟ قالا: من مكة. قال: وأخالكما من شيعة الحسنيين الفارين أرى لك صورة حسنة وقد توسمت فيك الخير أرأيت إن أخبرناك من نحن أكنت تستر علينا؟ قال: نعم ورب الكعبة وأبذل الجهد في صلاح حالكما فقال راشد هذا إدريس بن عبد الله بن حسن وأنا مولاه راشد، فررت به خوفا عليه من القتل ونحن قاصدون بلاد المغرب فقال الرجل:
لتطمئن نفوسكما فاني من شيعة آل البيت وأول من كتم سرهم فأنتما من الآمنين.
ثم أدخلهما منزله وبالغ في الاحسان إليها فاتصل خبرهما بعلي بن سليمان صاحب مصر، فبعث إلى الرجل الذي هما عنده فقال له: إنه قد رفع إلي خبر الرجلين اللذين عندك وإن أمير المؤمنين قد كتب إلي في طلب الحسنيين والبحث عنهم، وقد بث عيونه على الطرقات وجعل الرصاد على أطراف البلاد فلا يمر بهم أحد حتى يعرف نسبه وحاله، وإني أكره أن أتعرض لدماء آل البيت فلك ولهم الأمان فاذهب إليهما وأعلمهما بمقالي وأمرهما بالخروج من عملي وقد أجلتهما ثلاثا.
فسار الرجل فاشترى راحلتين لإدريس ومولاه واشترى لنفسه أخرى وصنع زادا يبلغهما إلى أفريقية وقال لراشد: اخرج أنت مع الرفقة على الجادة وأخرج أنا وإدريس على طريق غامض لا تسلكه الرفاق وموعدنا مدينة برقة.
فخرج راشد مع الرفقة في زي التجار، وخرج إدريس مع المصري فسلكا البرية حتى وصلا إلى برقة وأقاما بها حتى لحق بهما راشد، ثم جدد لهما المصري زادا وودعهما وانصرف.
وسار إدريس وراشد يجدان السير حتى وصلا إلى القيروان.
فأقاما بها أياما، فلما لم يجد إدريس بها مراده خرج مع مولاه راشد حتى انتهيا إلى مدينة وليلى قاعدة جبل زرهون.
وكانت مدينة متوسطة حصينة كبيرة المياه والغروس والزيتون، وكان لها سور عظيم من بنيان الأوائل، يقال إنها المسماة اليوم بقصر فرعون. فنزل بها إدريس على صاحبها ابن عبد الحميد الأوربي، فاقبل عليه ابن عبد الحميد وبالغ في إكرامه وبره، فعرفه إدريس بنفسه وأفضى إليه بسره فوافقه على مراده وأنزله معه في داره وتولى خدمته والقيام بشؤونه.
وكان دخول إدريس المغرب ونزوله على ابن عبد الحميد بمدينة وليلى غرة ربيع الأول سنة اثنين وسبعين ومائة.
بيعة إدريس بن عبد الله لما استقر إدريس بن عبد الله بمدينة وليلى عند كبيرها إسحاق بن محمد بن عبد الحميد الأوربي أقام عنده ستة أشهر فلما دخل شهر رمضان من السنة جمع ابن عبد الحميد عشيرته من أوربة وعرفهم بنسب إدريس وقرابته من رسول الله ص وقرر لهم فضله ودينه وعلمه واجتماع خصال الخير فيه، فقالوا: الحمد لله الذي أكرمنا به وشرفنا بجواره، وهو سيدنا ونحن العبيد، فما تريد منا؟ قال: تبايعونه قالوا: ما منا من يتوقف عن بيعته فبايعوه بمدينة وليلى يوم الجمعة رابع رمضان سنة 172 وكان أول من بايعه قبيلة أوربة على السمع والطاعة والقيام بأمره، والافتداء به في صلواتهم وغزواتهم وسائر أحكامهم.
وكانت أوربة يومئذ من أعظم قبائل البربر بالمغرب الأقصى وأكثرها عددا وثلثها في نصرة إدريس والقيام بأمره كل من مغيلة وصدنية.
ولما بويع إدريس خطب الناس فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيه أيها الناس لا تمدن الأعناق إلى غيرنا، فان الذي تجدونه من الحق عندنا لا تجدونه عند غيرنا.
ثم بعد ذلك وفدت عليه قبائل زناتة والبربر مثل زواغة وزواوة وسدراتة وغياثة ومكناسة وغمارة وكافة البربر وتمكن سلطانه وقويت شوكته.
ولحق به من إخوته سليمان بن عبد الله ونزل بأرض زناتة من تلمسان

(1) الاستقصاء.
(2) راجع تفاصيل هذه المجزرة في ترجمة الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب في موضعها.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370