مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢١٣
أهل عصره وله عدة تصانيف منها كتاب الورقة في أخبار الشعراء وكتاب الوزراء وغير ذلك، ثم ظهر لمؤنس الخادم المذكور، وخافه أبو الحسن علي بن الفرات المذكور، فأشار على مؤنس بقتله، فقتل وأخرج وطرح في سقاية عند المأمونية، فحمل إلى منزله، وكان قتله في شهر ربيع الآخر من السنة، ومولده في سنة ثلاث وأربعين ومائتين في الليلة التي توفي فيها إبراهيم بن العباس الصولي المقدم ذكره.
ولما عاد أمر المقتدر إلى ما كان عليه، وقد قتل وزيره العباس بن الحسن في التاريخ الذي ذكره الطبري، استوزر أبا الحسن علي بن الفرات المذكور، فأول ما ظهر للناس من محاسنه أنه حمل إليه من دار ابن المعتز صندوقان عظيمان، فقال: أعلمتم ما فيهما؟ قيل: نعم، جرائد بأسماء من بايعه، فقال: لا تفتحوهما، ودعا بنار فطرح الصندوقين فيها، فلما احترقا قال: لو فتحتهما وقرأت ما فيهما فسدت نيات الناس بأجمعهم علينا، واستشعروا منا، ومع ما فعلناه قد هدأت القلوب وسكنت النفوس.
ومما يتعلق بهذه الترجمة أن القاهر بالله لما خلع وسملت عيناه كما ذكرناه آل به الحال إلى أن خرج إلى جامع المنصور ببغداد، فعرف الناس بنفسه، وسألهم التصدق عليه، فقام إليه ابن أبي موسى الهاشمي فأعطاه ألف درهم، وفي ذلك عبرة لأولي الألباب.
ونقلت من كتاب الأعيان والأماثل تأليف الرئيس أبي الحسن هلال بن المحسن بن أبي إسحاق إبراهيم الصابي: وحدث القاضي أبو الحسين عبيد الله بن عباس أن رجلا اتصلت عطلته، وانقطعت مادته، فزور كتابا من أبي الحسن بن الفرات إلى أبي زنبور المارداني عامل مصر في معناه يتضمن الوصاة به والتأكيد في الاقبال عليه والاحسان إليه، وخرج إلى مصر، فلقيه به، فارتاب أبو زنبور في أمره لتغير الخطاب على ما جرت به العادة وكون الدعاء أكثر مما يقتضيه محله، فراعاه مراعاة قريبة، ووصله بصلة قليلة، واحتبسه عنده على وعد وعده به، وكتب إلى أبي الحسن بن الفرات يذكر الكتاب الوارد عليه، وأنفذه بعينه إليه، واستثبته فيه، فوقف ابن الفرات على الكتاب المزور، فوجد فيه ذكر الرجل، وأنه من ذوي الحرمات والحقوق الواجبة عليه، وما يقال في ذلك مما قد استوفى الخطاب فيه، وعرضه على كتابه، وعرفهم الصورة فيه، وعجب إليهم منها، ومما أقدم عليه الرجل، وقال لهم: ما الرأي في أمر هذا الرجل عندكم؟ فقال بعضهم: تأديبه أو حبسه، وقال آخر: قطع إبهامه لئلا يعاود مثل هذا ولئلا يقتدي به غيره فيما هو أكثر من هذا، وقال أجملهم محضرا: يكشف لأبي زنبور قصته ويرسم له طرده وحرمانه، فقال ابن الفرات: ما أبعدكم من الحرية والخيرية وأنفر طباعكم عنها! رجل توسل بنا، وتحمل المشقة إلى مصر في تأميل الصلاح بجاهنا، واستمداد صنع الله عز وجل بالانتساب إلينا، ويكون أحسن أحواله عند أحسنكم محضرا تكذيب ظنه وتخييب سعيه، والله لا كان هذا أبدا، ثم إنه أخذ القلم من دواته ووقع على الكتاب المزور هذا كتابي، ولست أعلم لم أنكرت أمره، واعترضتك شبهة فيه، وليس كل من خدمنا وأوجب حقا علينا تعرفه، وهذا رجل خدمني في أيام نكبتي، وما أعتقده في قضاء حقه أكثر مما كلفتك في أمره من القيام به، فأحسن تفقده، ووفر رفده، وصرفه فيما يعود عليه نفعه، ويصل إلينا فيما تحقق ظنه وتبين موقعه ورده إلى أبي زنبور من يومه، فلما مضت على ذلك مدة طويلة دخل على أبي الحسن بن الفرات رجل ذو هيئة مقبولة وبزة جميلة، وأقبل يدعو له، ويثني عليه، ويبكي، ويقبل الأرض، فقال له ابن الفرات: من أنت بارك الله فيك؟! وكانت هذه كلمته، فقال: صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الذي صححه كرم الوزير وتفضله، فعل الله به وصنع، فضحك ابن الفرات وقال: كم وصل إليك منه؟ قال: وصل إلي من ماله وتقسط قسطه على عماله ومعامليه وعمل صرفني فيه عشرون ألف دينار، فقال ابن الفرات: الحمد الله، ألزمنا، فانا نعرضك لما يزداد به صلاح حالك، ثم اختبره فوجده كاتبا شديدا، فاستخدمه وأكسبه مالا جزيلا، رحمه الله تعالى ورضي عنه!.
أبو الحسن علي بن محمد التهامي ذكره في تكملة أمل الآمل باعتباره شيعيا وأضاف إلى اسمه لقب العاملي الشامي. ثم قال: ذكره في أمل الآمل وذكره في كتاب نسمة السحر فيمن تشيع وشعر.
ونحن لا ندري هل إن إضافة العاملي من صاحب التكملة أم من صاحب الأمل. وسواء أكانت من الأول أم الثاني فلا شك أنها خطا، فليس الرجل عامليا. كما أننا لا ندري على ماذا استند صاحب الأمل في نسبته إلى التشيع وكذلك لا ندري على ماذا استند صاحب نسمة السحر في هذه النسبة إليه.
ويبدو أن صاحب التكملة استند في ذلك إلى ما ورد في الأمل ونسمة السحر،.
أما صاحب وفيات الأعيان فلم يشر إلى ذلك، مع أنه قد يذكر تشيع من اشتهر بالتشيع.
والمترجم هو صاحب القصيدة الرائية في رثاء ولده التي مطلعها:
حكم المنية في البرية جاري ما هذه الدنيا بدار قرار و يقول ابن خلكان: إنه وصل إلى الديار المصرية مستخفيا ومعه كتب كثيرة من حسان بن مفرج، وهو متوجه إلى بني قرة، فظفروا به، فقال: أنا من تميم، فلما انكشف حاله عرف أنه التهامي الشاعر، فاعتقل في خزانة البنود، وهو سجن بالقاهرة وذلك لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وأربعمائة، ثم قتل سرا في سجنه في تاسع جمادي الأولى من السنة المذكورة انتهى.
وحسان بن مفرج الطائي هو صاحب الرملة في فلسطين الذي تحالف مع صالح بن مرداس وسنان بن عليان على اقتسام الشام والجزيرة فيما بينهم، والانفصال عن الدولة الفاطمية، على أن تكون حلب إلى عانة لصالح بن مرداس، والرملة إلى مصر لحسان بن مفرج الطائي، ودمشق وأعمالها إلى سنان بن عليان.
ولم يسكت الخليفة الفاطمي الظاهر على ذلك فأرسل جيشا لقمع الحركة الانفصالية، فأسرع صالح بن مرداس لانجاد حسان بن مفرج فالتقيا بالجيش الفاطمي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة 420 في الأقحوانة
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370